سيفه ثم مشي إليه فحال الناس بينه وبينه فقالوا: يا عبد الله مالك؟ فقال: سمعت رسول الله عليه السلام يقول: من أدرك هذا يوما أميرا فليبقر خاصرته بالسيف، قال: فقال: أتدري من استعمله؟
قال: لا، قالوا: أمير المؤمنين عمر. فقال الرجل: سمعنا وطاعة لأمير المؤمنين.
قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: إن الناس يشبه عليهم أمر معاوية بأن يقولوا كان كاتب الوحي وليس ذلك بموجب له فضيلة، وذلك أنه قرن في ذلك إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكانا يكتبان له الوحي وهو الذي قال:
" سأنزل مثل ما أنزل الله " وكان النبي صلى الله عليه وآله يملي عليه " والله غفور رحيم " فيكتب " والله عزيز حيكم " ويملي عليه " والله عزيز حكيم " فيكتب " والله عليم حكيم " فيقول له النبي صلى الله عليه وآله:
هو واحد هو واحد، فقال عبد الله بن سعد: إن محمد لا يدري ما يقول! إنه يقول وأنا أقول غير ما يقول، فيقول لي: هو واحد هو واحد. وإن جاز هذا فإني سأنزل مثل ما أنزل الله فأنزل الله تبارك وتعالى فيه " ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله " (1) فهرب وهجا النبي صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله: من وجد عبد الله بن سعد بن أبي سرح ولو كان متعلقا بأستار الكعبة فليقتله.
وإنما كان النبي صلى الله عليه وآله يقول له فيما يغيره: " هو واحد هو واحد " لأنه لا ينكتب ما يريده عبد الله إنما كان ينكتب ما كان يمليه عليه السلام فقال: هو واحد غيرت أم لم تغير لم ينكتب ما تكتبه بل ينكتب ما أمليه عن الوحي وجبرئيل عليه السلام يصلحه. وفي ذلك دلالة للنبي صلى الله عليه وآله ووجه الحكمة في استكتاب النبي صلى الله عليه وآله الوحي معاوية وعبد الله بن سعد وهما عدوان هو أن المشركين قالوا: إن محمدا يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها أنزلت عليه، وسبيل من يضع الكلام في حوادث تحدث في الأوقات أن يغير الألفاظ إذا استعيد ذلك الكلام ولا يأتي به في ثاني الامر وبعد مرور الأوقات عليه إلا مغيرا عن حاله الأولى لفظا ومعنى أو لفظا دون معنى، فاستعان في كتب ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة بعدوين له في دينه، عدلين عند أدائه ليعلم الكفار والمشركون أن كلامه في ثاني الامر كلامه في الأول غير مغير ولا مزال عن جهته فيكون أبلغ للحجة عليهم، ولو استعان في ذلك بوليين مثل سلمان وأبي ذر وأشباههما لكان الامر عند أعدائه غير واقع هذا الموقع