ولا تكونوا من أبناء الدنيا، [ألا] وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة.
ألا إن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطا، والتراب فراشا، والماء طيبا، وقرضوا من الدنيا تقريضا (1).
ألا ومن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات (2) ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب.
ألا إن لله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وكمن رأى أهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، أنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياما قليلة، فصاروا بعقبى راحة طويلة، أما الليل فصافون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم وهم يجأرون (3) إلى ربهم، يسعون في فكاك رقابهم، وأما النهار فحلماء، علماء، بررة، أتقياء، كأنهم القداح قد براهم (4) الخوف من العبادة، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى - وما بالقوم من مرض - أم خولطوا (5) فقد خالط القوم أمر عظيم; من ذكر النار وما فيها.
16 - عنه، عن علي بن الحكم، عن أبي عبد الله المؤمن، عن جابر قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا جابر والله إني لمحزون، وإني لمشغول القلب، قلت:
جعلت فداك وما شغلك؟ وما حزن قلبك؟ فقال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي