مستكينا، متضرعا إليك، راجيا لما عندك، تراني وتعلم ما في نفسي، وتسمع كلامي، وتعرف حاجتي ومسكنتي (22) وحالي ومنقلبي ومثواي وما أريد أن أبتدئ فيه من منطقي، والذي أرجو منك في عاقبة أمري، وأنت محص لما أريد التفوه (23) به من مقالي (24).
جرت مقاديرك بأسبابي وما يكون مني في سريرتي وعلانيتي، وأنت متم لي ما أخذت عليه ميثاقي، وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصاني.
فأحق ما أقدم إليك قبل الذكر لحاجتي، والتفوه بطلبتي، شهادتي بوحدانيتك، وإقراري بربوبيتك التي ضلت عنها الآراء، وتاهت فيها العقول، وقصرت دونها الأوهام، وكلت عنها الأحلام وانقطع دون كنه (25) معرفتها منطق الخلائق، وكلت الألسن عن غاية وصفها فليس لأحد أن يبلغ شيئا من وصفك، ويعرف شيئا من نعتك إلا ما حددته ووصفته ووقفته عليه وبلغته إياه، فأنا مقر بأني لا أبلغ ما أنت أهله من تعظيم جلالك، وتقديس مجدك، وتمجيدك وكرمك، والثناء عليك، والمدح لك، والذكر لآلائك، والحمد لك على بلائك والشكر لك على نعمائك، وذلك ما تكل الألسن عن صفته، وتعجز الأبدان عن أداء (26) شكره، وإقراري لك بما احتطبت على نفسي، من موبقات الذنوب التي قد أوبقتني، وأخلقت عندك وجهي،