والعثرة تدميه، والرمضاء تحرقه؟ فكيف إذا كان بين طابقين من نار، ضجيع حجر وقرين شيطان. أعلمتم أن مالكا إذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه (1)، وإذا زجرها توثبت بين أبوابها جزعا من زجرته أيها اليفن الكبير (2) الذي قد لهزه القتير، كيف أنت إذا التحمت أطواق النار بعظام الأعناق! ونشبت الجوامع (3) حتى أكلت لحوم السواعد. فالله الله معشر العباد وأنتم سالمون في الصحة قبل السقم. وفي الفسحة قبل الضيق، فاسعوا في فكاك رقابكم من قبل أن تغلق رهائنها (4). أسهروا عيونكم، وأضمروا بطونكم واستعملوا أقدامكم، وأنفقوا أموالكم، وخذوا من أجسادكم وجودوا بها على أنفسكم، ولا تبخلوا بها عنها فقد قال الله سبحانه " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " وقال تعالى " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر
كريم " فلم يستنصركم من ذل، ولم يستقرضكم من قل، استنصركم وله
____________________
(1) مالك هو الموكل بالجحيم (2) اليفن - بالتحريك - الشيخ المسن. ولهزه:
أي خالطه. والقتير: الشيب (3) نشبت - كفرحت - علقت. والجوامع - جمع جامعة - الغل لأنها تجمع اليدين إلى العنق (4) غلق الرهن - كفرح - استحقه صاحب الحق