نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٠٩
لا يبقى بكثير من الآخرة لا يفنى. ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم وهم بصفين أن لا يكونوا اليوم أحياء؟ يسيغون الغصص ويشربون الرنق (1). قد والله لقوا الله فوفاهم أجورهم، وأحلهم دار الأمن بعد خوفهم. أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار (2)؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟
وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة. (قال ثم ضرب بيده على لحيته الشريفة الكريمة فأطال البكاء، ثم قال عليه السلام):
أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه (3)، وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة وأماتوا البدعة. دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه (ثم نادى بأعلى صوته): الجهاد الجهاد عباد الله. ألا وإني معسكر في يومي هذا فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج
____________________
(1) الرنق - بكسر النون وفتحها وسكونها - الكدر (2) عمار بن ياسر من السابقين الأولين. وأبو الهيثم مالك بن التيهان بتشديد الياء وكسرها من أكابر الصحابة. وذو الشهادتين خزيمة بن ثابت قبل النبي شهادته بشهادة رجلين في قصة مشهورة كلهم قتلوا في صفين.
وأبرد برؤوسهم أي أرسلت مع البريد بعد قتلهم إلى البغاة للتشفي منهم رضي الله عنهم (3) أوه بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الهاء - كلمة توجع
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست