أعلام هدى، ومصابيح دجى. قد حفت بهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وفتحت لهم أبواب السماء وأعدت لهم مقاعد الكرامات في مقام أطلع الله عليهم فيه فرضي سعيهم وحمد مقامهم يتنسمون بدعائه روح التجاوز (1). رهائن فاقة إلى فضله، وأسارى ذلة لعظمته. جرح طول الأسى قلوبهم (2)، وطول
البكاء عيونهم. لكل باب رغبة إلى الله منهم يد قارعة يسألون من لا تضيق لديه المنادح (3) ولا يخيب عليه الراغبون. فحاسب نفسك لنفسك فإن غيرها من الأنفس لها حسيب غيرك 223 - ومن كلام له عليه السلام قاله عند تلاوته " يا أيها الإنسان ما غرك بربك
الكريم " أدحض مسؤول
حجة (4)، وأقطع مغتر معذرة. لقد أبرح جهالة بنفسه يا أيها الإنسان ما جرأك على ذنبك، وما غرك بربك، وما آنسك
____________________
(1) تنسم النسيم: تشممه. والروح - بالفتح - النسيم أي يتوقعون التجاوز بدعائهم له (2) الأسى: الحزن (3) المنادح: جمع مندوحة، وهي كالندحة بالضم والفتح. والمنتدح - بفتح الدال - المتسع من الأرض (4) أدحض خبر عن محذوف هو الإنسان ودحضت الحجة - كمنع -