نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٠٨
(منها) قد لبس للحكمة جنتها (1). وأخذها بجميع أدبها من الاقبال عليها والمعرفة بها والتفرغ لها. وهي عند نفسه ضالته التي يطلبها، وحاجته التي يسأل عنها. فهو مغترب إذا اغترب الاسلام (2)، وضرب بعسيب ذنبه، وألصق الأرض بجرانه. بقية من بقايا حجته (3)، خليفة من خلائف أنبيائه (ثم قال عليه السلام):
أيها الناس إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم. وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم. وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا. وحدوتكم بالزواجر فلم تستوثقوا (4). لله أنتم!
أتتوقعون إماما غيرى يطأ بكم الطريق، ويرشدكم السبيل؟
ألا إنه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلا، وأقبل منها ما كان مدبرا، وأزمع الترحال عباد الله الأخيار، وباعوا قليلا من الدنيا
____________________
أجسادهم وهلكوا وانقلبت مدائنهم (1) جنة الحكمة: ما يحفظها على صاحبها من الزهد والورع. والكلام في العارف مطلقا (2) هو مع الاسلام فإذا صار الاسلام غريبا اغترب معه لا يضل عنه. وعسيب الذنب: أصله. والضمير في ضرب للاسلام.
وهذا كناية عن التعب والإعياء، يريد ضعف. والجران - ككتاب - مقدم عنق البعير من المذبح إلى المنحر، والبعير أقل ما يكون نفعه عند بروكه. وإلصاق جرانه بالأرض كناية عن الضعف كسابقه (3) بقية: تابع لمغترب: وضمير حجته وأنبيائه لله المعلوم من الكلام (4) استوسقت الإبل: اجتمعت وانضم بعضها إلى بعض
(١٠٨)
مفاتيح البحث: الوصية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست