وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها.
وكيف لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها، وما كان من مراحها وسائمها (1)، وأصناف أسناخها وأجناسها (2)، ومتبلدة أممها وأكياسها على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها. ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئة حسيرة (3) عارفة بأنها مقهورة مقرة بالعجز عن إنشائها. مذعنة بالضعف عن إفنائها.
وإن الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شئ معه. كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها. بلا وقت ولا مكان، ولا حين ولا زمان. عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون
____________________
(1) مراحها - بضم الميم - اسم مفعول من أراح الإبل ردها إلى المراح بالضم أي المأوى.
والسائم: الراعي يريد ما كان في مأواه وما كان في مرعاه (2) الأسناخ: الأصول. والمراد منها الأنواع أي الأصناف الداخلة في أنواعها. والمتبلدة أي الغبية. والأكياس:
جمع كيس - بالتشديد - العاقل الحاذق (3) الخاسئ: الذليل. والحسير: الكال المعيى
والسائم: الراعي يريد ما كان في مأواه وما كان في مرعاه (2) الأسناخ: الأصول. والمراد منها الأنواع أي الأصناف الداخلة في أنواعها. والمتبلدة أي الغبية. والأكياس:
جمع كيس - بالتشديد - العاقل الحاذق (3) الخاسئ: الذليل. والحسير: الكال المعيى