نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فلانا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض، قبل أن تشغر برجلها فتنة تطأ في خطامها (1)، وتذهب بأحلام قومها 190 - ومن خطبة له عليه السلام أحمده شكرا لإنعامه، وأستعينه على وظائف حقوقه. عزيز الجند عظيم المجد. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله دعا إلى طاعته، وقاهر أعداءه جهادا على دينه. لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه والتماس لاطفاء نوره. فاعتصموا بتقوى الله فإن لها حبلا وثيقا عروته، ومعقلا منيعا ذروته (2). وبادروا الموت في غمراته. وامهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله. فإن الغاية القيامة. وكفى بذلك واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل. وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس (3)، وشدة الإبلاس.
____________________
(1) شغر برجله: رفعها. ثم الجملة كناية عن كثرة مداخل الفساد فيها. من قولهم بلدة شاغرة برجلها أي معرضة للغارة لا تمتنع عنها. وتطأ في خطامها أي تتعثر فيه، كناية عن إرسالها وطيشها وعدم قائد لها. أما قوله عليه السلام فلانا بطرق السماء أعلم الخ، فالقصد به أنه في العلوم الملكوتية والمعارف الإلهية أوسع إحاطة منه بالعلوم الصناعية. وفي تلك تظهر مزية العقول العالية والنفوس الرفيعة. وبها ينال الرشد ويستضئ الفكر (2) المعقل - كمسجد - الملجأ. وذروة كل شئ: أعلاه. ومبادرة الموت: سبقه بالأعمال الصالحة، وفي غمراته حال من الموت. والغمرات: الشدائد. ومهد - كمنع - معناه هنا عمل (3) الأرماس: القبور - القبور جمع رمس وأصله اسم للتراب والإبلاس حزن في خذلان ويأس.
(١٣٠)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست