لا يبالي ما غرق. أو كوقع النار في الهشيم لا يحفل ما حرق (1). أين العقول المستصبحة بمصابيح الهدى، والأبصار اللامحة إلى منار التقوى. أين القلوب التي وهبت لله وعوقدت على طاعة الله. ازدحموا على الحطام وتشاحوا على الحرام. ورفع لهم علم الجنة والنار فصرفوا عن الجنة وجوههم، وأقبلوا إلى النار بأعمالهم. دعاهم ربهم فنفروا وولوا. ودعاهم الشيطان فاستجابوا وأقبلوا 145 - ومن كلام له عليه السلام أيها الناس، إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا (2)، مع كل جرعة شرق، وفي كل أكلة غصص. لا تنالون منها نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يعمر معمر منكم يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله. ولا تجدد له زيادة في
أكله إلا بنفاد ما قبلها من رزقه.
ولا يحيى له أثر إلا
مات له أثر. ولا يتجدد له جديد إلا بعد أن يخلق له جديد (3). ولا تقوم له نابتة إلا وتسقط منه محصودة. وقد مضت أصول نحن فروعها فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله (منها) وما أحدثت بدعة إلا ترك بها سنة. فاتقوا
البدع والزموا المهيع (4). إن
____________________
(1) لا يحفل كيضرب لا يبالي (2) تنتضل فيه: تترامى إليه المنايا (3) يخلق كيسمع وينصر ويكرم يبلي (4) المهيع كالمقعد الطريق الواضح