لقد كنت أمس أميرا فأصبحت اليوم مأمورا. وكنت أمس ناهيا فأصبحت اليوم منهيا. وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون 209 - ومن كلام له عليه السلام بالبصرة وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده فلما رأى
سعة داره قال ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا. أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة تقري فيها الضيف وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها (1)، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة فقال له العلاء يا أمير المؤمنين أشكوا إليك أخي
عاصم بن زياد، قال وما له؟ قال لبس العباءة وتخلى عن الدنيا. قال علي به. فلما جاء قال:
يا عدي نفسه (2) لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك.
____________________
(1) أطلع الحق مطلعه: أظهره حيث يجب أن يظهر (2) عدي - تصغير عدو - وفي هذا الكلام بيان أن لذائذ الدنيا لا تبعد العبد عن الله لطبيعتها ولكن لسوء القصد فيها