واحذروا أن تكونوا أمثالهم. فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم (1) فالزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم (2)، وزاحت الأعداء له عنهم، ومدت العافية فيه عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلهم من الاجتناب للفرقة (3)، واللزوم للألفة، والتحاض عليها والتواصي بها، واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم (4)، وأوهن منتهم. من تضاغن القلوب، وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي، وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء (5). ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء، وأجهد العباد بلاء، وأضيق أهل الدنيا حالا.
اتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار (6) فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة. لا يجدون حيلة
____________________
(1) من سعادة وشقاء (2) لزمت العزة به شأنهم أي كان سببا في عزتهم وما يتبعها من الأحوال الآتية. ومدت أي انبسطت (3) من الاجتناب بيان لأسباب العزة وبعد الأعداء وانبساط العافية وانقياد النعمة والصلة بحبل الكرامة (4) الفقرة - بالكسر والفتح - كالفقارة بالفتح - ما انتظم من عظم الصلب من الكاهل إلى عجب الذنب.
وأوهن أي أضعف. والمنة - بضم الميم - القوة (5) التمحيص: الابتلاء والاختبار (6) المرار - بضم ففتح - شجر شديد المرارة تتقلص منه شفاه الإبل إذا أكلته،
وأوهن أي أضعف. والمنة - بضم الميم - القوة (5) التمحيص: الابتلاء والاختبار (6) المرار - بضم ففتح - شجر شديد المرارة تتقلص منه شفاه الإبل إذا أكلته،