قال ابن كثير ويشهد لهذا التفصيل الحديث الذي رواه ابن جرير في تفسيره - إن سنده - قال:
حدثنا علي بن سهل، حدثنا الوليد بن مسلم، عن يزيد بن حبيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس بن مالك يسأله عن هذه الآية، فكتب إليه يخبره أنها نزلت في أولئك النفر العرنيين، وهم من بجيلة (1)، قال أنس:
فارتدوا عن الاسلام، وقتلوا الراعي، واستاقوا الإبل، وأخافوا السبيل، وأصابوا الفرج الحرام. قال أنس:
فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم جبرائيل عليه السلام عن القضاء فيمن حارب فقال:
" من سرق مالا وأخاف السبيل فاقطع يده بسرقته ورجله بإخافته، ومن قتل اقتله، ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام فاصلبه ".
وقالوا: إن الذي يرجح أن الآية لتفصيل العقوبات، لا للتخيير هو أن الله جعل لهذا الافساد درجات من العقاب لان إفسادهم متفاوت، منه القتل، ومنه السلب والنهب، ومنه هتك العرض، ومنه إهلاك الحرث والنسل.
ومن قطاع الطرق من يجمع بين جريمتين أو أكثر من هذه، فليس الحاكم مخيرا في عقاب من شاء منهم بما شاء، بل عليه أن يعاقب كلا منهم بقدر جرمه ودرجة إفساده، وهذا هو العدل:
" وجزاء سيئة سيئة مثلها ". (2) وهذا مذهب الشافعي، وأحمد في أصح الروايات عنه، وقول أبي حنيفة على تفصيل في ذلك - وقد ناقش الكاساني في البدائع (3) رأي القائلين بأن " أو " للتخيير نقاشا علميا، فقال:
" إن التخيير الوارد في الأحكام المختلفة من حيث الصورة بحرف التخيير، إنما يجري ظاهره إذا كان سبب الوجوب واحد، كما في كفارة اليمين، وكفارة جزاء الصيد. أما إذا كان مختلفا فيخرج مخرج بيان الحكم لكل في نفسه، كما في قوله تعالى: