تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٣٩
والأكثر فيما قالوا خمسمائة وهو بعيد ولا يجوز في مدة الرضاع أخذ غير اللبن لعجز الطبيعة حينئذ عن تأليف غذاء متشابه من جواهر مختلفة وتعالج المرضعة إذا احتاجت كما مر في الحامل فإن لم يكن ولا بد من دواء قوى فلا ترضع يومه وكذا يجب الرفق بعلاج الأطفال عند عروض ما يخصهم من الأمراض كورم اللثة خصوصا يوم نبات السن والاستطلاق كذلك لكثرة ما يرتضعونه وكون حركاتهم غير طبيعية ولاشتغال الطبيعة عن الهضم بتكوين السن وكالرياح والقراقرفان أمكن إزالة ما حدث بدهن وغمز فلا يعدل إلى دواء أو بتبريد الحرارة والقلاح بنحو العناب وبزر الرجلة فلا يعدل إلى نحو اللينوفر والبنفسج أوبهما فلا يعدل إلى ماء الشعير أو تحليل الرياح بنطول الحلبة والبابونج أو دهنه فلا يعدل إلى الكمون والصعتر أو بهما فلا حاجة إلى نحو الحلتيت والأشق وما يصنع الآن بمصر من المحكوكات خطر وأخطر منه قطع الاسهال بسقى المرتك فإنه سم [تدبى الفطام] ويسمى الانتقال الثاني لأنه بالنسبة إلى الرضاع انتقال آخر. يجب عند تمام الحولين فطم المولود من اللبن لالانه يضر بعدهما كما هو مشهور بل لعدم الاكتفاء به لطلب الأعضاء غذاء يقوم بها فلو أضيف الرضاع إلى غيره جاز لكن لا يجاوز الثالثة لفساد اللبن كما مر، وينبغي إيقاع الفطام عند انتقال الشمس أو القمر إلى البروج الرطبة في غير الأوقات الصيفية لئلا تجف الأعضاء بمفارقة اللبن فتصلب وتمنع النمو ويعطى حال الفطام ما قارب اللبن في الطبع كمستحلب الفستق والجوز بالسكر مدة ثم تغلظ تدريجا بنحو النشا والكثيرا ويغسل كلما اشتد الحر ولا يمكن من كثير حركة ولا لعب حذرا من الجفاف وتطرق الآفة لسرعة قبوله للانفعال حينئذ. واعلم أن أشد ما ينكى الطفل الحركات النفسية لنقص التصور والتعقل فيجب المبالغة في منعهم بفعل ما يميلون إليه بدار أو ترك ما ينفرون منه ويستمر ذلك إلى الدخول في السابعة ويلزمون الأدب والتمرين على مبادى النواميس الإلهية الشرعية شيئا فشيئا إلى العاشرة فيراضون بالحساب ونحوه من تعلقات الفكرثم ما يراد منهم من الصناعات المعاشية إلى التمييز الحقيقي فيؤمرون بالنظر في العلوم والفضائل ويعرفون أحكام السياسة والأخلاق على الوجه الأكمل وسيأتى تدبير الصحة والنوم وغير ذلك في التدبير العام. وأما الشباب فمتى دعت الحاجة فيه إلى إخراج دم فعل ويتعاهد فيه التدثير والترطيب وإخراج الصفراء ما أمكن والرياضة وتفتيح السدد وقلة الشراب وكثرة الحمام والجماع. وأما الكهول فلهم الاكثار من كل حار رطب وقلة الفصد والجماع وكثرة الاستحمام. وأما المشايخ فلهم الاكثار من كل حار يابس والراحة والشراب والنوم والدلك والاستحمام وعدم الفصد والجماع [موسقيرى] ليست من الصناعات التي تتعلق باليد لان موضوعها الصوت المشتمل على الألحان المخصوصة. وقد وقع الاجماع على أن المخترع لهذا الفن المعلم الثاني وبه سمى معلما وهذا الكلام يشبه أنه ليس كذلك لما رأيناه في تراجم فرفوريوس من أنه قال للمعلم حين فرغ من المنطق هل ألفت شيئا؟ قال نعم مادونته نصف ومادته الألفاظ وبقى في النفس نصف لا يدخل الألفاظ بل هو مجرد الهواء فيكون المراد بهذا الكلام زيادة الفارابي كما وقع له في الهندسة والنحو وغيرهما من العلوم فيكون ما ألف الفارابي أبدع إذ من البعيد أن نقف نحن على لفظ يوناني ولم يقف هو عليه مع اجتهاده في ذلك وكيف كان فهو ألف وأبدع وقسم ونوع ورتب الألحان وفق الأمراض والابدان وحرر النسب الفلكية في النغم والأصوات وقد كان غناء الناس قبله اختياريا يأخذونه قياسا على نطق الحيوانات، فألطفه ما يحاكى به الطير البرى عند الصياح في الرياض المشتبكة ذوات المياه الجارية خصوصا العندليب والهزار والمطوق، ومنهم من يقيس على حركات المياه في المصاب المختلفة والنواعير والدوالي. ومنهم من يحاكى
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197