فقد اختلف التصحيح في القارئ، وعند أبي يوسف: يرد بعد الفراغ أو عند تمام الآية. وفي الاختيار: وإذا جلس القاضي ناحية من المسجد للحكم لا يسلم على الخصوم، ولا يسلمون عليه، لأنه جلس للحكم والسلام تحية الزائرين، فينبغي أن يشتغل بما جلس لأجله، وإن سلموا لا يجب عليه الرد. وعلى هذا من جلس يفقه تلامذته ويقرئهم القرآن فدخل عليه داخل فسلم وسعه أن لا يرد لأنه إنما جلس للتعليم لا لرد السلام اه. قوله: (بجزم الميم) الأولى بسكون الميم. قال ط: وكأن عدم الوجوب لمخالفته السنة التي جاءت بالتركيب العربي، ومثله فيما يظهر الجمع بين أل والتنوين اه.
وظاهر تقييده بجزم الميم أنه لو نون المجرد من أل كما هو تحية الملائكة لأهل الجنة يجب الرد، فيكون له صيغتان، وهو ظاهر ما قدمناه سابقا عن التاترخانية. ثم رأيت في الظهيرية: ولفظ السلام في المواضع كلها: السلا عليكم أو سلام عليكم بالتنوين، وبدون هذين كما يقول الجهال لا يكون سلاما. قال في الشرنبلالي في رسالته في المصافحة: ولا يبتدئ بقوله عليك السلام، ولا بعليكم السلام لما في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة عن جابر بن سليم رضي الله تعالى عنه. قال: أتيت رسول الله (ص) فقلت: عليك السلام يا رسول الله، قال: لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ويؤخذ منه أنه لا يجب الرد على المبتدئ بهذه الصيغة، فإنه ما ذكر فيه أنه عليه الصلاة والسلام رد السلام عليه بل نهاه، وهو أحد احتمالات ثلاثة ذكرها النووي، فيترجح كونه ليس سلاما، وإلا لرد عليه ثم علمه كما رد على المسئ صلاته ثم علمه، ولو زاد واوا فابتدأ بقوله: وعليكم السلام لا يستحق جوابا، لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء فلم يكن سلاما. قاله المتولي من أئمة الشافعية اه.
قلت: وفي التاترخانية عن الفقيه أبي جعفر: أن بعض أصحاب أبي يوسف كان إذا مر بالسوق يقول: سلام الله عليكم، فقيل له في ذلك، فقال: التسليم تحية وإجابتها فرض، فإذا لم يجيبوني وجب الامر بالمعروف فأما سلام الله عليكم فدعاء فلا يلزمهم ولا يلزمني شئ، فاختاره لهذا اه.
قلت: فهذا مع ما مر يفيد اختصاص وجوب الرد بما إذا ابتدأ بلفظ السلام عليكم أو سلام عليكم، وقدمنا أن للمجيب أن يقول في الصورتين سلام عليكم، أو السلام عليكم، ومفاده أن ما صلح للابتداء صلح للجواب، ولكن علمت ما هو الأفضل فيهما.
تتمة: قال في التاترخانية: ويسلم الذي يأتيك من خلفك ويسلم الماشي على القاعد، والراكب على الماشي، والصغير على الكبير، وإذا التقيا فأفضلهما يسبقهما، فإن سلما معا يرد كل واحد.
وقال الحسن: يبتدئ الأقل بالأكثر اه. وفيها: السلام سنة، ويفترض على الراكب المار بالراجل في طريق عام أو في المفازة للأمانة اه. وفي البزازية: ويسلم الآتي من المصر على من يستقبله من القرى، وقيل: يسلم القروي على المصري اه. وفي تبيين المحارم قال النووي: هذا الأدب هو فيما إذا التقيا في طريق، أما إذا ورد على قعود فإن الوارد يبدأ بالسلام بكل حال، سواء كان صغيرا أو كبيرا أو قليلا أو كثيرا. كذا في الطبراني اه. قال ط: والقواعد توافقه. واختلفوا في أيهما أفضل أجرا: قيل الراد، وقيل المسلم. محيط. وإن سلم ثانيا في مجلس واحد لا يجب رد الثاني. تاترخانية.
وفيها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله (ص): إذا أتيتم المجلس فسلموا على القوم، وإذا رجعتم فسلموا عليهم، فإن التسليم عند الرجوع أفضل من التسليم الأول. قوله: (وعلى