ثم رأيت صاحب تبيين المحارم من علمائنا نقل عبارة ابن الحاج المالكي وأقرها، وفي آخرها حديث عنه (ص): إذا شرب العبد الماء على شبه المسكر كان ذلك عليه حراما اه.
فإن قلت: لو تفكر الصائم في أجنبية حتى أنزل لم يفطر فإنه يفيد إباحته؟ قلت: لا تسلم ذلك، فإنه لو نظر إلى فرج أجنبية حتى أنزل لا يفطر أيضا مع أنه حرام اتفاقا. قوله: (وقلامة ظفر رجلها) أي الحرة لا بقيد كونها ميتة، وهذا بناء على كون القدمين عورة كما مر. قوله: (النظر إلى ملاءة الأجنبية بشهوة حرام) قدمنا عن الذخيرة وغيرها: لو كان على المرأة ثياب لا بأس بأن يتأمل جسدها، ما لم تكن ملتزقة بها تصف ما تحتها، لأنه يكون ناظرا إلى ثيابها وقامتها، فهو كنظره إلى خيمة هي فيها، ولو كانت تصف يكون ناظرا إلى أعضائها. ويؤخذ مما هنا تقييده بما إذا كان بغير شهوة، فلو بها منع مطلقا، والعلة والله أعلم خوف الفتنة، فإن نظره بشهوة إلى ملاءتها أو ثيابها وتأمله في طول قوامها ونحوه قد يدعوه إلى الكلام معها ثم إلى غيره، ويحتمل أن تكون العلة كون ذلك استمتاعا بما لا يحل بلا ضرورة، ولينظر هل يحرم النظر بشهوة إلى الصورة المنقوسة محل تردد؟ ولم أره فليراجع. قوله:
(سواء كان شعرها أو شعر غيرها) لما فيه من التزوير كما يظهر مما يأتي، وفي شعر غيرها انتفاع بجزء الآدمي أيضا. لكن في التاترخانية: وإذا وصلت المرأة شعر غيرها بشعرها فهو مكروه، وإنما الرخصة في غير شعر بني آدم تتخذه المرأة لتزيد في قرونها، وهو مروي عن أبي يوسف. وفي الخانية: ولا بأس للمرأة أن تجعل في قرونها وذوائبها شيئا من الوبر. قوله: (لعن الله الواصلة إلخ) الواصلة: التي تصل الشعر بشعر الغير، والتي يوصل شعرها بشعر آخر زورا، والمستوصلة التي يوصل لها ذلك بطلبها، والواشمة: التي تشم في الوجه والذراع، وهو أن تغرز الجلد بإبرة ثم يحشى بكحل أو نيل فيزرق، والمستوشمة: التي يفعل بها ذلك بطلبها، والواشرة: التي تفلج أسنانها: أي تحددها وترقق أطرافها تفعلها العجوز تتشبه بالشواب، والمستوشرة: التي يفعل بها بأمرها اه. اختيار. ومثله في نهاية ابن الأثير، وزاد أنه روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: ليست الوصلة بالتي تعنون.
ولا بأس أن تعري المرأة عن الشعر، فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود، وإنما الواصلة التي تكون بغيا في شبيبتها، فإذا أسنت وصلتها بالقيادة، والواشرة كأنه من وشرت الخشبة بالميشار غير مهموز اه. قوله: (والنامصة إلخ) ذكره في الاختيار أيضا وفي المغرب. النمص: نتف الشعر، ومنه المنماص المنقاش اه ولعله محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب، وألا فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها عنها بسببه ففي تحريم إزالته بعد، لان الزينة للنساء مطلوبة للتحسين، إلا أن يحمل على ما لا ضرورة إليه لما في نتفه بالمنماص من الايذاء. وفي تبيين المحارم إزالة الشعر من الوجه حرام، إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالته بل تستحب اه. وفي التاترخانية عن المضمرات: ولا بأس بأخذ الحاجبين وشعر وجهه ما لم يشبه المخنث اه. ومثله في المجتبى. تأمل. قوله: (والخصي) فعيل من خصاه، نزع خصيتيه، والمجبوب: من قطع ذكره وخصيتاه، والمخنث: المتزيي بزي النساء والمتشبه بهن في محلية الوطئ. وتليين الكلام على اختيار. قهستاني: أي الذي يمكن غيره من نفسه احترازا عن