حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٦٢٦
لزوم اعتقاد حقيته وعملا بالبدن حتى يكفر جاحده ويفسق تاركه بلا عذر. والواجب ما ثبت بدليل فيه شبهة كصدقة الفطر والأضحية، وحكمه اللزوم عملا كالفرض لا علما على اليقين للشبهة، حتى لا يكفر جاحده ويفسق تاركه بلا تأويل كما هو مبسوط في كتب الأصول.
ثم إن الواجب على مراتب كما قال القدوري بعضها آكد من بعض. فوجوب سجدة التلاوة آكد من وجوب صدقة الفطر، ووجوبها آكد من وجوب الأضحية اه‍. وذلك باعتبار تفاوت الأدلة في القوة. وقد ذكر في التلويح أن استعمال الفرض فيما ثبت بظني، والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض كقولهم الوتر فرض ونحو ذلك ويسمى فرضا عمليا، وكقولهم الزكاة واجبة ونحوه، فلفظ الواجب يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر، وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء، وعلى طني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها بل تجب سجدة السهو اه‍. وتمام تحقيق ذلك بما لم يوجد مجموعة في كتاب مذكور في حاشيتنا على المنار بتوفيق الملك الوهاب.
إذا علمت ذلك ظهر لك أن كلا من الفرض والواجب اشتراكا في لزوم العمل وإن تفاوتت مراتب اللزوم كما تفاوتت مراتب الوجوب.
واختلفا في لزوم الاعتقاد على سبيل الفرضية، ولهذا يسمى الواجب فرضا عملا فقط، وقد علمت أن كلا منهما يطلق على الآخر. فقول الشارح عملا لا اعتقادا احترازا عن الفرض القطعي، ولهذا قال في المنح: أي فلا يكفر جاحده، فأفاد أن المراد به الواجب الظني كالوتر ونحوه، لا القطعي الذي هو فرض علما وعملا فإن منكره كافر كما مر، بخلاف منكر الواجب الظني: أي منكر وجوبه فإنه لا يكفر للشبهة فيه. أما إذا أنكر أصل مشروعيته المجمع عليها بين الأمة فإنه يكفر، فقد صرح المصنف في باب الوتر والنوافل أن من أنكر سنة الفجر يخشى عليه الكفر. ثم رأيته في القنية في باب ما يكفر به نقل عن الحلواني: لو أنكر أصل الوتر وأصل الأضحية كفر، ثم نقل عن الزندوستي أنه لو أنكر الفرضية لا يكفر، ثم قال: ولا تنافي بينهما، لان الأصل مجمع عليه والفرضية والوجوب من مختلف فيهما اه‍. فافهم. قوله: (بقدرة) متعلق بتجب. قوله: (ممكنة) بصيغة اسم الفاعل من التمكين ط.
قوله: (هي ما يجب) الأوضح أن يقول: والواجب بهذه القدرة ما يجب إلخ ط. بيان ذلك أن القدرة التي يتمكن بها العبد من أداء ما لزمه نوعان: مطلق، وهو أدنى ما يتمكن به العبد من أداء ما لزمه، وهو شرط في وجوب أداء كل مأمور به. وكامل وهو القدرة الميسرة للأداء بعد التمكن، ودوامها شرط لدوام الواجب الشاق على النفس كأكثر الواجبات المالية، حتى بطلت الزكاة والعشر والخراج بهلاك المال بعد التمكن من الأداء، لان القدرة الميسرة وهي وصف النماء قد فاتت بالهلاك فيفوت دوام الوجوب لفوات شرطه، بخلاف الأولى فليس بقاؤها شرطا لبقاء الواجب، حتى لا يسقط الحج وصدقة الفطر بهلاك المال لوجوبهما بقدرة ممكنة وهي القدرة على الزاد والراحلة وملك النصاب، ولا يقع اليسر فيهما إلا بخدم ومراكب وأعوان في الأول وملك أموال كثيرة في الثاني وليس بشرط بالاجماع. قوله: (بمجرد التمكن من الفعل) أي بالتمكن من الفعل المجرد عن اشتراط دوام القدرة ط. قوله: (لأنها شرط محض) أي ليس فيه معنى العلة، والشرط يكفي مطلق
(٦٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 621 622 623 624 625 626 627 628 629 630 631 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754