بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٥٨
وذهب البعير فلم يعلم أناد أو غير ناد لم يؤكل الصيد حتى يعلم أن البعير كان نادا لان الأصل في الإبل الاستئناس فيتمسك بالأصل حتى يظهر الامر بخلافه واختلفت الرواية عن أبي يوسف رحمه الله فيمن رمى سمكة أو جرادة فأصاب صيدا فقال في رواية لا يؤكل لان السمك والجراد لا ذكاة لهما وروى عنه أنه يؤكل لان المرمى إليه من جملة الصيد وإن كان لا ذكاة له وقالوا لو أرسل كلبه على ظبي موثق فأصاب صيدا لم يؤكل لان الموثق ليس بصيد لعدم معنى الصيد فيه وهو الامتناع فأشبه شاة ولو أرسل بازه على ظبي وهو لا يصيد الظبي فأصاب صيدا لم يؤكل لان هذا ارسال لم يقصد به الاصطياد فصار كمن أرسل كلبا على قتل رجل فأصاب صيدا (ومنها) أن لا يكون ذو الناب الذي يصطاد به من الجوارح محرم العين فإن كان محرم العين وهو الخنزير فلا يؤكل صيده لان محرم العين محرم الانتفاع به والاصطياد به انتفاع به فكان حراما فلا يتعلق به الحل (وأما) ما سواه من ذي الناب من السباع فقد قال أصحابنا جميعا كل ذي مخلب وذي ناب علم فتعلم ولم يكن محرم العين فصيد به كان صيده حلالا لعموم قوله عز شأنه وما علمتم من الجوارح وقالوا في الأسد والذئب انه لا يجوز الصيد بهما لا لمعنى يرجع إلى ذاتهما بل لعدم احتمال التعلم لان التعلم بترك العادة وذلك بترك الأكل وقيل إن من عادتهما انهما إذا أخذا صيدا لا يأكلانه في الحال فلا يمكن الاستدلال بترك الأكل فيهما على التعلم حتى لو تصور تعليمهما يجوز وذكر هشام وقال سألت محمدا عن الذئب إذا علم فصاد فقال هذا أرى انه لا يكون فإن كان فلا بأس به وقال سألته عن صيد ابن عرس فأخبرني أن أبا حنيفة رحمه الله قال إذا علم فتعلم فكل مما صاد فصار الأصل ما ذكرنا ان ما لا يكون محرم العين من الجوارح إذا علم فتعلم يؤكل صيده والله جل شأنه اعلم (ومنها) أن يعلم أن تلف الصيد بارسال أو رمى هو سبب الحل من حيث الظاهر فان شاركهما معنى أو سبب يحتمل حصول التلف به والتلف به مما لا يفيد الحل لا يؤكل الا إذا كان ذلك المعنى مما لا يمكن الاحتراز عنه لأنه إذا احتمل حصول التلف بما لا يثبت به الحل فقد احتمل الحل والحرمة فيرجح جانب الحرمة احتياطا لأنه ان أكل عسى انه أكل الحرام فيأثم وان لم يأكل فلا شئ عليه والتحرز عن الضرر واجب عقلا وشرعا والأصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لوابصة بن معبد رضي الله عنه الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ما اجتمع الحلال والحرام في شئ الا وقد غلب الحرام الحلال وعلى هذا يخرج ما إذا رمى صيدا وهو يطير فأصابه فسقط على جبل ثم سقط منه على الأرض فمات انه لا يؤكل وهو تفسير المتردى لأنه يحتمل أنه مات من الرمي ويحتمل أنه مات بسقوطه عن الجبل وكذلك لو كان على جبل فأصابه فسقط منه شئ على الجبل ثم سقط على الأرض فمات أو كان على سطح فأصابه فهوى فأصاب حائط السطح ثم سقط على الأرض فمات أو كان على نخلة أو شجرة فسقط منها على جذع النخلة أو ند من الشجرة ثم سقط على الأرض فمات أو وقع على رمح مركوز في الأرض وفيه سنان فوقع على السنان ثم وقع على الأرض فمات أو نشب فيه السنان فمات عليه أو أصاب سهمه صيدا فوقع في الماء فمات فيه لا يحل لأنه يحتمل انه مات بالرمي ويحتمل أنه مات بهذه الأسباب الموجودة بعده وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وان وقع في الماء فلا تأكله فلعل الماء قتله بين عليه الصلاة والسلام الحكم وعلل بما ذكرنا من احتمال موته بسبب آخر وهو وقوعه في الماء والحكم المعلل بعلة يتعمم بعموم العلة ولو أصابه السهم فوقع على الأرض فمات فالقياس ان لا يؤكل لجواز موته بسبب وقوعه على الأرض وفى الاستحسان يؤكل لأنه لا يمكن الاحتراز عن وقوع المرمى إليه على الأرض فلو اعتبر هذا الاحتمال لوقع الناس في الحرج وذكر في المنتقى في الصيد إذا وقع على صخرة فانشق بطنه أو انقطع رأسه انه لا يؤكل قال الحاكم الجليل الشهيد المروزي وهذا خلاف جواب الأصل قال القدوري رحمه الله وعنى به أنه خلاف عموم جواب الأصل لأنه ذكر في الأصل لو وقع على آجرة موضوعة في الأرض أكل ولم يفصل بين أن يكون انشق بطنه أو لم ينشق فهذا يقتضى أن يؤكل في الحالين فيجوز أن يجعل في المسألة روايتان ويجوز أن يفرق بين الحالين من حيث أن
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306