في الشفعة يأخذه إذا بلغ والله سبحانه وتعالى أعلم.
(فصل) وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة ويستقر فنقول وبالله تعالى التوفيق انه يتأكد ويستقر بالطلب والكلام في الطلب في مواضع في بيان وقت الطلب وفي بيان شروطه وفي بيان كيفيته وفي بيان حكمه (أما) وقته فالطلب نوعان طلب مواثبة وطلب تقرير (أما) طلب المواثبة فوقته وقت علم الشفيع بالبيع حتى لو سكت عن الطلب بعد البيع قبل العلم به لم تبطل شفعته لأنه ترك الطلب قبل وقت الطلب فلا يضره ثم علمه بالبيع قد يحصل بسماعه بالبيع بنفسه وقد يحصل باخبار غيره لكن هل يشترط فيه العدد والعدالة اختلف أصحابنا رحمهم الله فيه فقال أبو حنيفة رضي الله عنه يشترط أحد هذين اما العدد في المخبر رجلان أو رجلا وامرأتان واما العدالة وقال أبو يوسف ومحمد لا يشترط فيه العدد ولا العدالة حتى لو أخبره واحد بالشفعة عدلا كان أو فاسقا حرا أو عبد مأذونا بالغا أو صبيا ذكر أو أنثى فسكت ولم يطلب على فور الخبر على رواية الأصل أو لم يطلب في المجلس على رواية محمد بطلت شفعته عندهما إذا ظهر كون الخبر صدقا وهذا على اختلافهم عن عزل الوكيل وعن جناية العبد وعن عجز المولى على ما نذكر في كتاب الوكالة فهما يقولان العدد والعدالة ساقطا الاعتبار شرعا في المعاملات وهذا من باب المعاملة فلا يشترط فيه العدد ولا العدالة ولأبي حنيفة رضي الله عنه ان هذا اخبار فيه معنى الالزام ألا ترى ان حق الشفيع يبطل لو لم يطلب بعد الخبر فأشبه الشهادة فيعتبر فيه أحد شرطي الشهادة وهو العدد أو العدالة ولو أخبر المشترى الشفيع بنفسه فقال قد اشتريته فلم يطلب شفعته وان لم يكن المشترى عدلا كذا روى عن أبي حنيفة لان المشترى خصم وعدالة الخصم ليست بشرط في الخصومات وقالوا في المخيرة إذا بلغها التخيير انه لا يشترط في المخبر العدد ولا العدالة والفرق لأبي حنيفة رحمه الله ان الاخبار عن التخيير ليس في معنى الشهادة لخلوه عن الزام حكم فلم يعتبر فيه أحد شرطي الشهادة بخلاف الاخبار عن البيع في باب الشفعة على ما بينا والله سبحانه وتعالى أعلم وأما شرطه فهو أن يكون على فور العلم بالبيع إذا كان قادرا عليه حتى لو علم بالبيع وسكت عن الطلب مع القدرة عليه بطل حق الشفعة في رواية الأصل وروى عن محمد رحمه الله انه على المجلس كخيار المخيرة وخيار القبول ما لم يقم عن المجلس أو يتشاغل عن الطلب بعمل آخر لا تبطل شفعته وله ان يطلب وذكر الكرخي رحمه الله ان هذا أصح الروايتين (وجه) هذه الرواية ان حق الشفعة ثبت نظرا للشفيع دفعا للضرر عنه فيحتاج إلى التأمل ان هذه الدار هل تصلح بمثل هذا الثمن وانه هل يتضرر بجوار هذا المشترى فيأخذ بالشفعة أو لا يتضرر فيترك وهذا لا يصح بدون العلم بالبيع والحاجة إلى التأمل شرط المجلس في جانب المخيرة والقبول كذا ههنا (وجه) رواية الأصل ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الشفعة لمن واثبها وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال إنما الشفعة كنشط عقال إن قيد مكانه ثبت والا ذهب وفى بعض الروايات إنما الشعفة كحل عقال إن قيد مكانه ثبت والا فاللوم عليه ولأنه حق ضعيف متزلزل لثبوته على خلاف القياس إذا الاخذ بالشفعة تملك مال معصوم بغير اذن مالكه لخوف ضرر يحتمل الوجود والعدم فلا يستقر الا بالطلب على المواثبة (وأما) الاشهاد فليس بشرط لصحة الطلب حتى لو طلب على المواثبة ولم يشهد صح طلبه فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى جلت عظمته وإنما الاشهاد للاظهار عند الخصومة على تقدير الانكار لان من الجائز أن المشترى لا يصدق الشفيع في الطلب أو لا يصدق في الفور ويكون القول قوله فيحتاج إلى الاظهار بالبينة عند القاضي على تقدير عدم التصديق لأنه شرط صحة الطلب ونظيره من أخذ لقطة ليردها على صاحبها فهلكت في يده لا ضمان عليه فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى وإنما الحاجة إلى الاشهاد عند أبي حنيفة رضي الله عنه لتوثيق الاخذ للرد على تقدير الانكار الا أنه شرط البراءة عن الضمان حتى لو صدقه صاحبها في ذلك ثم طلب منه الضمان ليس له ذلك بالاجماع كذا هذا وإذا طلب على المواثبة فإن كان هناك شهود أشهدهم وتوثق الطلب وان لم يكن بحضرته من يشهده فبعث في طلب شهود لم تبطل شفعته لما قلنا أن الاشهاد لاظهار الطلب عند الحاجة لكن يصح الاشهاد على الطلب على رواية الفور