فتأخرت ولايته عن ولايتهما (فصل) وأما شرائطها فأنواع بعضها يرجع إلى الولي وبعضها يرجع إلى المولى عليه وبعضها يرجع إلى المولى فيه أما الذي يرجع إلى الولي فأشياء (منها) أن يكون حرا فلا تثبت ولاية العبد لقوله سبحانه وتعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ولأنه لا ولاية له على نفسه فكيف تثبت له الولاية على غيره (ومنها) أن يكون عاقلا فلا ولاية للمجنون لما قلنا (ومنها) اسلام الولي إذا كان المولى عليه مسلما فإن كان كافرا لا تثبت له عليه الولاية لقوله عز وجل ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ولان تنفيذ الولاية للكافر على المسلم يشعر بالذل به وهذا لا يجوز (وأما) الذي يرجع إلى المولى عليه فالصغر فلا تثبت الولاية على الكبير لأنه يقدر على دفع حاجة نفسه فلا حاجة إلى اثبات الولاية عليه لغيره وهذا لان الولاية على الحر تثبت مع قيام المنافى للضرورة ولا ضرورة حالة القدرة فلا تثبت (وأما) الذي يرجع إلى المولى فيه فهو أن لا يكون من التصرفات الضارة بالمولى عليه لقوله عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا اضرار في الاسلام وقال عليه الصلاة والسلام من لم يرحم صغيرنا فليس منا والاضرار بالصغير ليس من المرحمة في شئ فليس له أن يهب مال الصغير من غيره بغير عوض لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا وكذا ليس له أن يهب بعوض عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد له ذلك (وجه) قوله أن الهبة بعوض معاوضة المال بالمال فكان في معنى البيع فملكها كما يملك البيع (ولهما) أنها هبة ابتداء بدليل أن الملك فيها يقف على القبض وذلك من أحكام الهبة وإنما تصير معاوضة في الانتهاء وهو لا يملك الهبة فلم تنعقد هبته فلا يتصور أن تصير معاوضة بخلاف البيع لأنه معاوضة ابتداء وانتهاء وهو يملك المعاوضة وليس له أن يتصدق بماله ولا ان يوصى به لان التصدق والوصية إزالة الملك من غير عوض مالي فكان ضررا فلا يملكه وليس له أن يطلق امرأته لان الطلاق من التصرفات الضارة المحضة ليس له أن يعتق عبده سواء كان بعوض أو بغير عوض أما بغير عوض فلانه ضرر محض وكذا بعوض لأنه لا يقابله العوض للحال لان العتق معلق بنفس القبول وإذا عتق بنفس القبول يبقى الدين في ذمة المفلس وقد يحصل وقد لا يحصل فكان الاعتاق ضررا محضا للحال وكذا ليس له أن يقرض ماله لان القرض إزالة الملك من غير عوض للحال وهو معنى قولهم القرض تبرع وهو لا يملك سائر التبرعات كذا هذا بخلاف القاضي فإنه يقرض مال اليتيم (ووجه) الفرق ان الاقراض من القاضي من باب حفظ الدين لان توى الدين بالافلاس أو بالانكار والظاهر أن القاضي يختار أملى الناس وأوثقهم وله ولاية التفحص عن أحوالهم فيختار من لا يتحقق افلاسه ظاهرا وغالبا وكذا القاضي يقضى بعلمه فلا يتحقق التوى بالانكار وليس لغير القاضي هذه الولاية فبقي الاقراض منه إزالة الملك من غير أن يقابله عوض للحال فكان ضررا فلا يملكه وله ان يدين ماله من غيره وصورة الاستدانة أن يطلب انسان من غير الأب أو الوصي أن يبيعه شيئا من أموال الصغير بمثل قيمته حتى يجعل أصل الشئ ملكه وثمن المبيع دينا عليه ليرده فان باعه منه بزيادة على قيمته فهو عينه وإنما ملك الإدانة ولم يملك القرض لان الإدانة بيع ماله بمثل قيمته وليس له أن يزوج عبده لأنه يتعلق المهر برقبته وفيه ضرر وليس له أن يبيع ماله بأقل من قيمته قدر ما لا يتغابن الناس فيه عادة ولو باع لا ينفذ بيعه لأنه ضرر في حقه وكذا ليس له ان يؤاجر نفسه أو ماله بأقل من أجرة المثل قدر ما لا يتغابن الناس فيه عادة وليس له أن يشترى بماله شيئا بأكثر من قيمته قدر ما لا يتغابن الناس فيه عادة لما قلنا ولو اشترى ينفذ عليه ويكون المشترى له لأن الشراء وجد نفاذا على المشترى وله أن يقبل الهبة والصدقة والوصية لان ذلك نفع محض فيملكه الولي وقال عليه الصلاة والسلام خير الناس من ينفع الناس وهذا يجرى مجرى الحث على النفع والحث على النفع ممن لا يملك النفع عبث وله أن يزوج أمته لأنه نفع وله أن يبيع ماله بأكثر من قيمته ويشترى له شيئا بأقل من قيمته لما قلنا وله أن يبيعه بمثل قيمته وبأقل من قيمته مقدار ما يتغابن الناس فيه عادة وله أن يشترى له شيئا بمثل قيمته وبأكثر من قيمته قدر ما يتغابن الناس فيه عادة وكذا له أن يؤاجر نفسه وماله بأكثر من أجر مثله أو بأجر مثله أو بأقل منه قدر ما يتغابن الناس
(١٥٣)