فاما الصوم فبدل مطلق فلا يبطل بالقدرة على الأصل بعد حصول المقصود به والله عز شأنه أعلم (فصل) وأما شرط جواز كل نوع فلجواز هذه الأنواع شرائط بعضها يعم الأنواع كلها وبعضها يخص البعض دون البعض (أما) الذي يعم الكل فنية الكفارة حتى لا تتأدى بدون النية والكلام في النية في موضعين أحدهما في بيان ان نية الكفارة شرط جوازها والثاني في بيان شرط صحة النية (اما) الأول فلان مطلق الفعل يحتمل التكفير ويحتمل غيره فلا بد من التعيين وذلك بالنية ولهذا لا يتأدى صوم الكفارة بمطلق النية لان الوقت يحتمل صوم الكفارة وغيره فلا يتعين الا بالنية كصوم قضاء رمضان وصوم النذر المطلق ولو أعتق رقبة واحدة عن كفارتين فلا شك انه لا يجوز عنهما جميعا لان الواجب عن كل كفارة منهما اعتاق رقبة كاملة ولم يوجد وهل يجوز عن إحداهما فالكفارتان الواجبتان لا يخلو (اما) وجبتا بسببين من جنسين مختلفين واما ان وجبتا بسببين من جنس واحد (فان) وجبتا بسببين من جنسين مختلفين كالقتل والظهار فأعتق رقبة واحدة ينوى عنهما جميعا لا يجوز عن إحداهما بلا خلاف بين أصحابنا وعند الشافعي رحمه الله يجوز (وان) وجبتا بسببين من جنس واحد كظهارين أو قتلين يجوز عن إحداهما عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله استحسانا وهو قول الشافعي رحمه الله والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر رحمه الله وهذا الاختلاف مبنى على أن نية التعيين والتوزيع هل تقع معتبرة أم تقع لغوا فعند أصحابنا معتبرة في الجنسين المختلفين وعند الشافعي رحمه الله لغو فيهما جميعا (وأما) في الجنس الواحد فهي لغو عند أصحابنا الثلاثة رضي الله عنهم وعند زفر معتبرة قياسا (اما) الكلام مع الشافعي فوجه قوله إن الكفارات على اختلاف أسبابها جنس واحد ونية التعيين في الجنس الواحد لغو لما ذكر (ولنا) ان التعيين في الأجناس المختلفة محتاج إليه وذلك بالنية فكان نية التعيين محتاجا إليها عند اختلاف الجنس فصادفت النية محلها فصحت ومتى صحت أوجبت انقسام عين رقبة واحدة على كفارتين فيقع عن كل واحد منهما عتق نصف رقبة فلا يجوز لا عن هذه ولا عن تلك (وأما) قوله الكفارتان جنس واحد فنعم من حيث هما كفارة لكنهما اختلفا سببا وقدرا وصفة (اما) السبب فلا شك فيه (واما) القدر فان الطعام يدخل في إحداهما وهي كفارة الظهار ولا يدخل في الأخرى وهي كفارة القتل (واما) الصفة فان الرقبة في كفارة الظهار مطلقة عن صفة الايمان وفى كفارة القتل مقيدة بها وإذا اختلفا من هذه الوجوه كان التعيين بالنية محتاجا إليه فصادفت النية محلها فصحت فانقسم عتق رقبة بينهما فلم يجز عن إحداهما حتى لو كانت الرقبة كافرة وتعذر صرفها إلى الكفارة للقتل انصرفت بالكلية إلى الظهار وجازت عنه كذا قال بعض مشايخنا بما وراء النهر (ونظيره) ما إذا جمع بين امرأة وابنتها أو أمها أو أختها وتزوجهما في عقدة واحدة فإن كانتا فارغتين لا يجوز وإن كانت إحداهما منكوحة والأخرى فارغة يجوز نكاح الفارغة (واما) الكلام بين أصحابنا فوجه القياس في ذلك أنه أوقع عتق رقبة واحدة عن كفارتين على التوزيع والانقسام فيقع عن كل واحدة منهما عتق نصف رقبة فلا يجوز عن واحدة منهما لان المستحق عليه عن كل واحدة منهما اعتاق رقبة كاملة ولم يوجد وبهذا لم يجز عن إحداهما عند اختلاف الجنس (ولنا) ان نية التعيين لم تصادف محلها لان محلها الأجناس المختلفة إذ لا تقع الحاجة إلى التعيين الا عند اختلاف الجنس فإذا اتحد الجنس لم تقع الحاجة إليها فلغت نية التعيين وبقى أصل النية وهي نية الكفارة فتقع عن واحدة منهما كما في قضاء صوم رمضان إذا كان عليه صوم يومين فصام يوما ينوى قضاء صوم يومين تلغو نية التعيين وبقيت نية ما عليه كذا هذا بخلاف ما إذا اختلف الجنس لان باختلاف الجنس تقع الحاجة إلى التعيين فلا تلغو نية التعيين بل تعتبر ومتى اعتبرت يقع عن كل جنس نصف رقبة فلا يجوز عنه كما إذا كان عليه صوم يوم من قضاء رمضان وصوم يوم من كفارة اليمين فنوى من الليل أن يصوم غدا عنهما كانت نية التوزيع معتبرة حتى لا يصير صائما عن أحدهما لان الانقسام يمنع من ذلك والله تعالى أعلم ولو أطعم ستين مسكينا كل مسكين صاعا من حنطة عن ظهارين لم يجز الا عن أحدهما في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يجزئه عنهما وقال زفر رحمه الله لا يجزئه
(٩٩)