وفى الفصول الأول يستوى الجواب بينهما ولو وهب المريض مرض الموت شاة لانسان وقبضها الموهوب له فضحاها ثم مات الواهب من مرضه ذلك ولا مال له غيرها فالورثة بالخيار ان شاؤوا ضمنوا للموهوب له ثلثي قيمتها حية وان شاؤوا أخذوا ثلثيها مذبوحة فان ضمنوه ثلثي قيمتها حية فلا شئ على الموهوب له لأنها لو كانت مغصوبة فضمن قيمتها لا شئ عليه غير ذلك فهذه أولى وان أخذوا ثلثيها اختلف المشايخ فيه قال بعضهم القياس أن يتصدق بثلثي قيمتها حية لان الموهوب له قد ضمن ثلثي قيمتها حية ثم سقط عنه ثلث قيمتها حية يأخذ الورثة منه ثلثي الشاة مذبوحة فصار كأنه باعها بذلك وقضى دينا عليه بثلثي الشاة فعليه أن يتصدق بذلك القدر وقال بعضهم لا شئ عليه الا ثلثي قيمتها مذبوحة لان الورثة لما أخذوا ثلثيها مذبوحة فقد أبرأوا الموهوب له من فضل ما بين ثلثي قيمتها حية إلى ثلثي قيمتها مذبوحة فلا يجب على الموهوب له الا ثلثا قيمتها مذبوحة وهكذا ذكر في نوادر الضحايا عن محمد عليه الرحمة في هذه المسألة ان الورثة بالخيار ان شاؤوا ضمنوا ثلثي قيمية الشاة وسلموا له لحمها وان شاؤوا أخذوا ثلثي لحمها وكانوا شركاءه فيها فان ضمنوا ثلثي القيمة أجزأت عنه الأضحية وان شاركوه فيها وأخذوا ثلثي لحمها فعليه أن يتصدق بثلثي قيمتها مذبوحة وقد أجزأت عنه من قبل أنه ذبحها هو يملكها والله عز شأنه أعلم.
(فصل) وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره أما الذي هو قبل التضحية فيستحب أن يربط الأضحية قبل أيام النحر بأيام لما فيه من الاستعداد للقربة واظهار الرغبة فيها فيكون له فيه أجر وثواب وأن يقلدها ويجللها اعتبارا بالهدايا والجامع أن ذلك يشعر بتعظيمها قال الله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب وأن يسوقها إلى المنسك سوقا جميلا لا عنيفا وان لا يجر برجلها إلى المذبح كما ذكرنا في كتاب الذبائح ولو اشترى شاة للأضحية فيكره ان يحلبها أو يجز صوفها فينتفع به لأنه عينها للقربة فلا يحل له الانتفاع بجزء من أجزائها قبل إقامة القربة فيها كما لا يحل له الانتفاع بلحمها إذا ذبحها قبل وقتها ولان الحلب والجز يوجب نقصا فيها وهو ممنوع عن ادخال النقص في الأضحية ومن المشايخ من قال هذا في الشاة المنذور بها بعينها من المعسر أو الموسر أو الشاة المشتراة للأضحية من المعسر فأما المشتراة من الموسر للأضحية فلا بأس أن يحلبها ويجز صوفها لان في الأول تعينت الشاة لوجوب التضحية بها بدليل أنه لا تقوم التضحية بغيرها مقامها وإذا تعينت لوجوب التضحية بها بتعيينه لا يجوز له الرجوع في جزء منها وفى الثاني لم تتعين للوجوب بل الواجب في ذمته وإنما يسقط بها ما في ذمته بدليل أن غيرها يقوم مقامها فكانت جائزة الذبح لا واجبة الذبح والجواب على نحو ما ذكرنا فيما تقدم أن المشتراة للأضحية متعينه للقربة إلى أن يقام غيرها مقامها فلا يحل الانتفاع بها ما دامت متعينة ولهذا لا يحل له لحمها إذا ذبحها قبل وقتها فإن كان في ضرعها لبن وهو يخاف عليها ان لم يحلبها نضح ضرعها بالماء البارد حتى يتقلص اللبن لأنه لا سبيل إلى الحلب ولا وجه لابقائها كذلك لأنه يخاف عليها الهلاك فيتضرر به فتعين نضح الضرع بالماء البارد لينقطع اللبن فيندفع الضرر فان حلب تصدق باللبن لأنه جزء من شاة متعينة للقربة ما أقيمت فيها القربة فكان الواجب هو التصدق به كما لو ذبحت قبل الوقت فعليه أن يتصدق بمثله لأنه من ذوات الأمثال وان تصدق بقيمته جاز لان القيمة تقوم مقام العين وكذلك الجواب في الصوف والشعر والوبر ويكره له بيعها لما قلنا ولو باع جاز في قول أبي حنيفة ومحمد عليهما الرحمة لأنه بيع مال مملوك منتفع به مقدور التسليم وغير ذلك من الشرائط فيجوز وعند أبي يوسف رحمه الله لا يجوز لما روى عنه انه بمنزلة الوقف ولا يجوز بيع الوقف ثم إذا جاز بيعها على أصلهما فعليه مكانها مثلها أو أرفع منها فيضحى بها فان فعل ذلك فليس عليه شئ آخر وان اشترى دونها فعليه أن يتصدق بفضل ما بين القيمتين ولا ينظر إلى الثمن وإنما ينظر إلى القيمة حتى لو باع الأولى بأقل من قيمتها واشترى الثانية بأكثر من قيمتها وثمن الثانية أكثر من ثمن الأولى يجب عليه أن يتصدق بفضل قيمة الأولى فان ولدت الأضحية ولدا يذبح ولدها مع الام كذا ذكر في الأصل وقال أيضا وان باعه يتصدق بثمنه لان الام تعينت للأضحية والولد يحدث على وصف الام في الصفات الشرعية فيسرى إلى