بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٧٨
وفى الفصول الأول يستوى الجواب بينهما ولو وهب المريض مرض الموت شاة لانسان وقبضها الموهوب له فضحاها ثم مات الواهب من مرضه ذلك ولا مال له غيرها فالورثة بالخيار ان شاؤوا ضمنوا للموهوب له ثلثي قيمتها حية وان شاؤوا أخذوا ثلثيها مذبوحة فان ضمنوه ثلثي قيمتها حية فلا شئ على الموهوب له لأنها لو كانت مغصوبة فضمن قيمتها لا شئ عليه غير ذلك فهذه أولى وان أخذوا ثلثيها اختلف المشايخ فيه قال بعضهم القياس أن يتصدق بثلثي قيمتها حية لان الموهوب له قد ضمن ثلثي قيمتها حية ثم سقط عنه ثلث قيمتها حية يأخذ الورثة منه ثلثي الشاة مذبوحة فصار كأنه باعها بذلك وقضى دينا عليه بثلثي الشاة فعليه أن يتصدق بذلك القدر وقال بعضهم لا شئ عليه الا ثلثي قيمتها مذبوحة لان الورثة لما أخذوا ثلثيها مذبوحة فقد أبرأوا الموهوب له من فضل ما بين ثلثي قيمتها حية إلى ثلثي قيمتها مذبوحة فلا يجب على الموهوب له الا ثلثا قيمتها مذبوحة وهكذا ذكر في نوادر الضحايا عن محمد عليه الرحمة في هذه المسألة ان الورثة بالخيار ان شاؤوا ضمنوا ثلثي قيمية الشاة وسلموا له لحمها وان شاؤوا أخذوا ثلثي لحمها وكانوا شركاءه فيها فان ضمنوا ثلثي القيمة أجزأت عنه الأضحية وان شاركوه فيها وأخذوا ثلثي لحمها فعليه أن يتصدق بثلثي قيمتها مذبوحة وقد أجزأت عنه من قبل أنه ذبحها هو يملكها والله عز شأنه أعلم.
(فصل) وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره أما الذي هو قبل التضحية فيستحب أن يربط الأضحية قبل أيام النحر بأيام لما فيه من الاستعداد للقربة واظهار الرغبة فيها فيكون له فيه أجر وثواب وأن يقلدها ويجللها اعتبارا بالهدايا والجامع أن ذلك يشعر بتعظيمها قال الله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب وأن يسوقها إلى المنسك سوقا جميلا لا عنيفا وان لا يجر برجلها إلى المذبح كما ذكرنا في كتاب الذبائح ولو اشترى شاة للأضحية فيكره ان يحلبها أو يجز صوفها فينتفع به لأنه عينها للقربة فلا يحل له الانتفاع بجزء من أجزائها قبل إقامة القربة فيها كما لا يحل له الانتفاع بلحمها إذا ذبحها قبل وقتها ولان الحلب والجز يوجب نقصا فيها وهو ممنوع عن ادخال النقص في الأضحية ومن المشايخ من قال هذا في الشاة المنذور بها بعينها من المعسر أو الموسر أو الشاة المشتراة للأضحية من المعسر فأما المشتراة من الموسر للأضحية فلا بأس أن يحلبها ويجز صوفها لان في الأول تعينت الشاة لوجوب التضحية بها بدليل أنه لا تقوم التضحية بغيرها مقامها وإذا تعينت لوجوب التضحية بها بتعيينه لا يجوز له الرجوع في جزء منها وفى الثاني لم تتعين للوجوب بل الواجب في ذمته وإنما يسقط بها ما في ذمته بدليل أن غيرها يقوم مقامها فكانت جائزة الذبح لا واجبة الذبح والجواب على نحو ما ذكرنا فيما تقدم أن المشتراة للأضحية متعينه للقربة إلى أن يقام غيرها مقامها فلا يحل الانتفاع بها ما دامت متعينة ولهذا لا يحل له لحمها إذا ذبحها قبل وقتها فإن كان في ضرعها لبن وهو يخاف عليها ان لم يحلبها نضح ضرعها بالماء البارد حتى يتقلص اللبن لأنه لا سبيل إلى الحلب ولا وجه لابقائها كذلك لأنه يخاف عليها الهلاك فيتضرر به فتعين نضح الضرع بالماء البارد لينقطع اللبن فيندفع الضرر فان حلب تصدق باللبن لأنه جزء من شاة متعينة للقربة ما أقيمت فيها القربة فكان الواجب هو التصدق به كما لو ذبحت قبل الوقت فعليه أن يتصدق بمثله لأنه من ذوات الأمثال وان تصدق بقيمته جاز لان القيمة تقوم مقام العين وكذلك الجواب في الصوف والشعر والوبر ويكره له بيعها لما قلنا ولو باع جاز في قول أبي حنيفة ومحمد عليهما الرحمة لأنه بيع مال مملوك منتفع به مقدور التسليم وغير ذلك من الشرائط فيجوز وعند أبي يوسف رحمه الله لا يجوز لما روى عنه انه بمنزلة الوقف ولا يجوز بيع الوقف ثم إذا جاز بيعها على أصلهما فعليه مكانها مثلها أو أرفع منها فيضحى بها فان فعل ذلك فليس عليه شئ آخر وان اشترى دونها فعليه أن يتصدق بفضل ما بين القيمتين ولا ينظر إلى الثمن وإنما ينظر إلى القيمة حتى لو باع الأولى بأقل من قيمتها واشترى الثانية بأكثر من قيمتها وثمن الثانية أكثر من ثمن الأولى يجب عليه أن يتصدق بفضل قيمة الأولى فان ولدت الأضحية ولدا يذبح ولدها مع الام كذا ذكر في الأصل وقال أيضا وان باعه يتصدق بثمنه لان الام تعينت للأضحية والولد يحدث على وصف الام في الصفات الشرعية فيسرى إلى
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306