والكلام في الاطعام في كفارة الحلق كالكلام في كفارة اليمين الا في عدد من يطعم وهم ستة مساكين لحديث كعب ابن عجرة رضي الله عنه فأما في الصفة والقدر والمحل فلا يختلفان حتى يجوز فيه التمليك والتمكين وهذا قول أبى يوسف وقال محمد لا يجوز فيها الا التمليك كذا حكى الشيخ القدوري رحمه الله الخلاف وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي رحمه الله قول أبي حنيفة مع أبي يوسف (وجه) قول محمد رحمه الله ان جواز التمكين في طعام كفارة اليمين لورود النص بلفظ الاطعام إذ هو في عرف اللغة اسم لتقديم الطعام على وجه الإباحة والنص ورد ههنا بلفظ الصدقة وانها تقتضي التمليك لكنه معلل بدفع الحاجة والتصدق تمليك فأشبه الزكاة والعشر (ولهما) ان النص وان ورد بلفظ الصدقة وانها تقتضي التمليك لكنه معلل بدفع الحاجة وذا يحصل بالتمكين فوق ما يحصل بالتمليك على ما بينا ولهذا جاز دفع القيمة وان فسرت الصدقة بثلاثة أصوع في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه ولو وجب عليه كفارة يمين فلم يجد ما يعتق ولا ما يكسو ولا ما يطعم عشرة مساكين وهو شيخ كبير لا يقدر على الصوم فأراد أن يطعم ستة مساكين عن صيام ثلاثة أيام لم يجز الا أن يطعم عشرة مساكين لأن الصوم بدل والبدل لا يكون له بدل فإذا عجز عن البدل تأخر وجوب الأصل وهو أحد الأشياء الثلاثة إلى وقت القدرة وإن كان عليه كفارة القتل أو الظهار أو الافطار ولم يجد ما يعتق وهو شيخ كبير لا يقدر على الصوم ولا يجد ما يطعم في كفارة الظهار والافطار يتأخر الوجوب إلى أن يقدر على الاعتاق في كفارة القتل وعلى الاعتاق أو الاطعام في كفارة الظهار والافطار لان ايجاب الفعل على العاجز محال والله أعلم.
(كتاب الأشربة) الكلام في هذا الكتاب في مواضع في بيان أسماء الأشربة المعروفة المسكرة وفي بيانها معانيها وفي بيان أحكامها وفي بيان حد السكر (أما) أسماؤها فالخمر والسكر والفضيح ونقيع الزبيب والطلاء والباذق والمنصف والمثلث والجمهوري وقد يسمى أبوسقيا والخليطان والمزر والجعة والبتع (أما) بيان معاني هذه الأسماء أما الخمر فهو اسم للنئ من ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد وهذا عند أبي حنيفة عليه الرحمة وعند أبي يوسف ومحمد عليهما الرحمة ماء العنب إذا غلا واشتد فقد صار خمرا أو ترتب عليه أحكام الخمر قذف بالزبد أو لم يقذف به (وجه) قولهما أن الركن فيها معنى الاسكار وذا يحصل بدون القذف بالزبد (وجه) قول أبي حنيفة رحمه الله أن معنى الاسكار لا يتكامل الا بالقذف بالزبد فلا يصير خمرا بدونه (وأما) السكر فهو اسم للنئ من ماء الرطب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد أو لم يقذف على الاختلاف وأما التفضيخ فهو اسم للنئ من ماء البسر المنضوخ وهو المدقوق إذا غلا واشتد وقذف بالزبد أولا على الاختلاف (وأما) نقيع الزبيب فهو اسم للنئ من ماء الزبيب المنقوع في الماء حتى خرجت حلاوته إليه واشتد وقذف بالزبد أولا على الخلاف (وأما) الطلاء فهو اسم للمطبوخ من ماء العنب إذا ذهب أقل من الثلثين وصار مسكرا ويدخل تحت الباذق والمنصف لان الباذق هو المطبوخ أدنى طبخة من ماء العنب والمنصف هو المطبوع من ماء العنب إذا ذهب نصفه وبقى النصف وقيل الطلاء هو المثلث وهو المطبوخ من ماء العنب حتى ذهب ثلثاه وبقى معتقا وصار مسكرا (وأما) الجمهوري فهو المثلث يصب الماء بعد ما ذهب ثلثاه بالطبخ قدر الذاهب وهو الثلثان ثم يطبخ أدنى طبخة ويصير مسكرا (وأما) الخليطان فهما التمر والزبيب أو البسر والرطب إذا خلطا ونبذا حتى غليا واشتدا (وأما) المزر فهو اسم لنبيذ الذرة إذ صار مسكرا (وأما) الجعة فهو اسم لنبيذ الحنطة والشعير إذا صار مسكرا (وأما) البتع فهو اسم لنبيذ العسل إذا صار مسكرا هذا بيان معاني هذه الأسماء (وأما) بيان أحكام هذه الأشربة أما الخمر فيتعلق بها أحكام (منها) انه يحرم شرب قليلها وكثيرها الا عند الضرورة لأنها محرمة العين فيستوى في الحرمة قليلها وكثيرها (والدليل) على أنها محرمة العين قوله سبحانه وتعالى رجس من عمل الشيطان وصف سبحانه وتعالى الخمر بكونها رجسا