بسم الله الرحمن الرحيم (كتاب الاستصناع) يحتاج لمعرفة مسائل هذا الكتاب إلى بيان صورة الاستصناع ومعناه والى بيان جوازه والى بيان حكمه والى بيان صفته.
(فصل) أما صورة الاستصناع فهي أن يقول إنسان لصانع من خفاف أو صفار أو غيرهما اعمل لي خفا أو آنية من أديم أو نحاس من عندك بثمن كذا ويبين نوع ما يعمل وقدره وصفته فيقول الصانع نعم وأما معناه فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم هو مواعدة وليس ببيع وقال بعضهم هو بيع لكن للمشترى فيه خيار وهو الصحيح بدليل ان محمدا رحمه الله ذكر في جوازه القياس والاستحسان وذلك لا يكون في العدات وكذا أثبت فيه خيار الرؤية وأنه يختص بالبياعات وكذا يجرى فيه التقاضي وإنما يتقاضى فيه الواجب لا الموعود ثم اختلفت عباراتهم عن هذا النوع من البيع قال بعضهم هو عقد على مبيع في الذمة وقال بعضهم هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل وجه القول الأول ان الصانع لو احضر عينا كان عملها قبل العقد ورضى به المستصنع لجاز ولو كان شرط العمل من نفس العقد لما جاز لان الشرط يقع على عمل في المستقبل لا في الماضي والصحيح هو القول الأخير لان الاستصناع طلب الصنع فما لم يشترط فيه العمل لا يكون استصناعا فكان مأخذ الاسم دليلا عليه ولأن العقد على مبيع في الذمة يسمى سلما وهذا العقد يسمى استصناعا واختلاف الأسامي دليل اختلاف المعاني في الأصل واما إذا أتى الصانع بعين صنعها قبل العقد ورضى به المستصنع فإنما جاز لا بالعقد الأول بل بعقد آخر وهو التعاطي بتراضيهما (فصل) واما جوازه فالقياس ان لا يجوز لأنه بيع ما ليس عند الانسان لا على وجه السلم وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم ويجوز استحسانا لاجماع الناس على ذلك لأنهم يعملون