النظر حاصلا ببقاء أحدهما بخلاف ما إذا اختلفت الجهة لان عند اختلاف الشفقة فيحصل من كل واحد منهما ما لا يحصل بالآخر فكان التفريق اضرارا وكذلك لو ملك ستة أخوة أو ستة أخوات ثلاثة منهم كبار وثلاثة صغار لا بأس ببيع كل صغير مع كل كبير لما قلنا ولو كان مع الصغير أبوان حكما بان ادعياه حتى ثبت نسبه منهما ثم اجتمعوا في ملك شخص واحد فالقياس أن لا يكره بيع أحدهما لاتحاد جهة القرابة وهي قرابة الأبوة كالعمين والخالين ونحو ذلك وفى الاستحسان يكره لان أباه أحدهما حقيقة فكان الثابت قرابة أحدهما حقيقة الا انا حكمنا بثبات نسبه منهما لاستوائهما في الدعوة ولكن الأب في الحقيقة أحدهما فلو باع أحدهما لاحتمل انه باع الأب فيتحقق التفريق بخلاف ما إذا كان للصغير أب وأم حيث يكره بيع أحدهما لان قرابة كل واحد منهما متحققة فكان البيع تفريقا بين الصغير وبين أحد أبويه بيقين فيكره وان اختلفت جهة قرابة الكبيرين كالعمة مع الخالة والعم مع الخال والأخ لأب مع الأخ لام وما أشبه ذلك يكره التفريق لان من يدلى بقرابة الأب إلى الصغير يقوم مقام الأب والذي يدلى إليه بقرابة الام يقوم مقام الام فصار كما لو كان مع الصغير أبا وأما ولو كان كذلك يكره التفريق كذا هذا امرأة سبيت وفى حجرها بنت صغيرة وقعتا في سهم رجل واحد والمرأة تزعم أنها بنتها يكره التفريق بينهما وإن كان لا يثبت نسبها بمجرد دعواها في سائر الأحكام لان الاخبار في كراهة التفريق وردت في حق السبايا ولا يظهر كون الصغير ولد المسبية الا بقولها فيدل على قبول قولها في حق كراهة التفريق ولان هذا من باب الديانة وقول المرأة الواحدة في الديانات مقبول خصوصا فيما يسلك فيه طريق الاحتياط ولو كبرت الصغيرة في يد السابي وقد كان وطئ الكبيرة ولم يعلم من المرأة المسبية ارضاع الصغيرة لا ينبغي له أن يقرب البنت وان لم يثبت نسبها منها لدعوتها لاحتمال انها بنتها من النسب أو الرضاع فلا يقربها احتياطا ولكن لا يمنع من قربانها في الحكم لان قول المرأة الواحدة في حقوق العباد غير مقبول وان لم تكن الصغيرة في حجرها وقت السبي فلا بأس بالتفريق والجمع بينهما في الوطئ لأنه إذا لم تكن في حجرها عند السبي فلا دليل على كونها ولدا لها في حق الحكم فلا يقبل قولها أصلا ولو ادعى رجل من السبايا صغيرا أو صغيرة انه ولده قبل قوله ويثبت نسبه منه سواء كان قبل الاحراز بدار الاسلام أو بعده بعد أن يكون قبل القسمة أو قبل الدخول في ملك خاص بالبيع وغيره لان دعوى الرجل صحيحة ألا ترى انه يثبت نسبه منه فيظهر في حق كراهة التفريق سواء كان الولد وقت السبي في يده أو لم يكن بخلاف دعوة المرأة وكذلك لو ادعت المرأة ان الولد معها من هذا الرجل وهو زوجها وصدقها تثبت بينهما الزوجية بتصادقهما ويثبت نسب الولد منهما ويكره التفريق بين الصغير وبين أحدهما لأنه ولدهما باقرارهما ولو ادعى واحد من الغانمين ولدا صغيرا من السبي انه ولده قبل القسمة أو البيع صحت دعوته ويكون ولده ثم ينظر إن كان معه علامة الاسلام كان مسلما ولا يسترق وان لم يكن معه علامة الاسلام يثبت نسبه من المدعى ولكنه يسترق لان دعوته وان صحت في حق ثبات النسب واستندت إلى وقت العلوق لكنها لم تصح ولم تستند في حق الاسترقاق لان فيه ابطال حق الغانمين فلا يصدق في ابطال حق الغير ويجوز أن يصدق الانسان في اقراره في حق نفسه ولا يصدق في حق غيره إذا تضمن ابطال حتى الغير كمن أقر بحرية عبد انسان ثم اشتراه صح الشراء وعتق عليه وكذا لو اشتراه ثم أقر بحريته صح اقراره في حقه حتى يعتق عليه ولا يصح في حق بائعه حتى لم يكن له أن يرجع بالثمن على بائعه ولهذا نظائر والله عز وجل أعلم (فصل) وأما ما يحصل به التفريق فهو التمليك بالبيع لأنه تنقطع به منفعة الانس والشفقة وكذا القسمة في الميراث والغنائم لان القسمة لا تخلو عن معنى التمليك خصوصا فيما لا مثل له فيحصل بها التفريق فيكره ولا بأس أن يعتق أحدهما أو يكاتبه لان الاعتاق ليس بتمليك بل هو إزالة الملك أو انهاؤه فلا يتحقق به التفريق لأنه إذا أعتق يمكنه الاستئناس بصاحبه والاحسان إليه فلم يكن الاعتاق تفريقا وكذلك الكتابة لان المكاتب حر يدا فلا تنقطع بها منفعة الانس ونحو ذلك فلا يكون تفريقا والله عز وجل أعلم ولئن كان تفريقا فيقع الاعتاق فوق ضرر التفريق فلا
(٢٣١)