بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٤
الصانع بائع ما لم يره فلا خيار له واما المستصنع فمشترى ما لم يره فكان له الخيار وإنما كان كذلك لان المعقود عليه وإن كان معدوما حقيقة فقد الحق بالموجود ليمكن القول بجواز العقد ولان الخيار كان ثابتا لهما قبل الاحضار لما ذكرنا ان العقد غير لازم فالصانع بالاحضار اسقط خيار نفسه فبقي خيار صاحبه على حاله كالبيع الذي فيه شرط الخيار للعاقدين إذا أسقط أحدهما خياره انه يبقى خيار الاخر كذا هذا (هذا) جواب ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رضي الله عنهم وروى عن أبي حنيفة رحمه الله ان لكل واحد منهما الخيار وروى عن أبي يوسف انه لا خيار لهما جميعا (وجه) رواية أبى يوسف ان الصانع قد أفسد متاعه وقطع جلده وجاء بالعمل على الصفة المشروطة فلو كان للمستصنع الامتناع من اخذه لكان فيه اضرار بالصانع بخلاف ما إذا قطع الجلد ولم يعمل فقال المستصنع لا أريد لأنا لا ندري ان العمل يقع على الصفة المشروطة أو لا فلم يكن الامتناع منه اضرار بصاحبه فثبت الخيار (وجه) رواية أبي حنيفة رحمه الله ان في تخيير كل واحد منهما دفع الضرر عنه وانه واجب والصحيح جواب ظاهر الرواية لان في اثبات الخيار للصانع ما شرع له الاستصناع وهو دفع حاجة المستصنع لأنه متى ثبت الخيار للصانع فكل ما فرع عنه يتبعه من غير المستصنع فلا تندفع حاجة المستصنع وقول أبى يوسف ان الصانع يتضرر باثبات الخيار للمستصنع مسلم ولكن ضرر المستصنع بابطال الخيار فوق ضرر الصانع باثبات الخيار للمستصنع لان المصنوع إذا لم يلائمه وطولب بثمنه لا يمكنه بيع المصنوع من غيره بقيمة مثله ولا يتعذر ذلك على الصانع لكثرة ممارسته وانتصابه لذلك ولان المستصنع إذا غرم ثمنه ولم تندفع حاجته لم يحصل ما شرع له الاستصناع وهو اندفاع حاجته فلا بد من اثبات الخيار له والله سبحانه وتعالى الموفق فان سلم إلى حداد حديدا ليعمل له اناء معلوما بأجر معلوم أو جلدا إلى خفاف ليعمل له خفا معلوما بأجر معلوم فذلك جائز ولا خيار فيه لان هذا ليس باستصناع بل هو استئجار فكان جائزا فان عمل كما امر استحق الاجر وان أفسد فله ان يضمنه حديدا مثله لأنه لما أفسده فكأنه اخذ حديدا له واتخذ منه آنية من غير اذنه والاناء للصانع الآن المضمونات تملك بالضمان.
(كتاب الشفعة) الكلام في هذا الكتاب يقع في مواضع في بيان سبب ثبوت حق الشفعة وفي بيان شرائط ثبوت حق الشفعة وفي بيان ما يتأكد به حق الشفعة ويستقر وفي بيان ما يبطل به حق الشفعة بعد ثبوته وفي بيان ما يملك به المشفوع فيه وفي بيان طريق التمليك وبيان كيفيته وفي بيان شرط التملك وفي بيان ما يتملك به وفي بيان المتملك وفي بيان المتملك منه وفي بيان حكم اختلاف الشفيع والمشترى وفي بيان الحيلة في ابطال الشفعة وفي بيان انها مكروهة أم لا (اما) سبب وجوب الشفعة فالكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان ماهية السبب والثاني في بيان كيفيته (اما) الأول فسبب وجوب الشفعة أحد الأشياء الثلاثة الشركة في ملك المبيع والخلطة وهي الشركة في حقوق الملك والجوار وان شئت قلت أحد الشيئين الشركة والجوار ثم الشركة نوعان شركة في ملك المبيع وشركة في حقوقه كالشرب والطريق وهذا عند أصحابنا رضي الله عنهم وقال الشافعي السبب هو الشركة في ملك المبيع لا غير فلا تجب الشفعة عنده بالخلطة ولا بالجوار احتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما الشفعة في ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة فصدر الحديث اثبات الشفعة في غير المقسوم ونفيها في المقسوم لان كلمة إنما لاثبات المذكور ونفى ما عداه وآخره نفى الشفعة عند وقوع الحدود وصرف الطرق والحدود بين الجارين واقعة والطرق مصروفة فكانت الشفعة منفية ولان الاخذ بالشفعة تملك مال المشترى من غير رضاه وعصمة ملكه وكون التملك اضرارا يمنع من ذلك فكان ينبغي ان لا بثبت حق الاخذ أصلا الا انا عرفنا ثبوته فيما لم يقسم بالنص غير معقول المعنى فبقي الامر في المقسوم على الأصل أو ثبت معلولا بدفع ضرر خاص وهو ضرر القسمة لكونه ضررا لازما لا يمكن دفعه الا
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306