الاكل والثاني ان البازي إنما يعلم بالاكل فلا يحتمل أن يخرج بالاكل عن حد التعليم بخلاف الكلب والثالث ان الكلب يمكن تعليمه بترك الأكل بالضرب لان جثته تتحمل الضرب والبازي لا لان جثته لا تتحمل وقد روى عن سيدنا على وابن عباس وسلمان الفارسي رضي الله عنهم انهم قالوا إذا أكل الصقر فكل وان أكل الكلب فلا تأكل ومنها الارسال أو الزجر عند عدمه على وجه ينزجر بالزجر فيما يحتمل ذلك وهو الكلب وما في معناه حتى لو يرسل بنفسه ولم يزجره صاحبه فيما ينزجر بالزجر لا يحل صيده الذي قتله لان الارسال في صيد الجوارح أصل ليكون القتل والجرح مضافا إلى المرسل الا أن عند عدمه يقام الزجر مقام الانزجار فيما يحتمل قيام ذلك مقامه فإذا لم يوجد فلا تثبت الإضافة فلا يحل ولو أرسل مسلم كلبه وسمى فزجره مجوسي فانزجر يؤكل صيده ولو ارسل مجوسي كلبه فزجره مسلم فانزجر لا يؤكل صيده وكذلك لو أرسل مسلم كلبه وترك التسمية عمدا فاتبع الصيد ثم زجره فانزجر لا يؤكل صيده ولو لم يرسله أحد وانبعث بنفسه فاتبع الصيد فزجره مسلم وسمى فانزجر يؤكل صيده وان لم ينزجر لا يؤكل وإنما كان كذلك لان الارسال هو الأصل والزجر كالخلف عنه والخلف يعتبر حال عدم الأصل لا حال وجوده ففي المسائل الثلاث وجد الأصل فلا يعتبر الخلف الا أن في المسألة الأولى المرسل من أهل الارسال فيؤكل صيده وفى المسألة الثانية لا فلا يؤكل وفى المسألة الرابعة لم يوجد الأصل فيعتبر الخلف فيؤكل صيده ان انزجر وان لم ينزجر لا يؤكل لان الزجر بدون الانزجار لا يصلح خلفا عن الارسال فكان ملحقا بالعدم فيصير كأنه يرسل بنفسه من غير ارسال ولا زجر ولو أرسله مسلم وسمى وزجره رجل ولم يسم على زجره فأخذ الصيد وقتله يؤكل لما ذكرنا ان العبرة للارسال فيعتبر وجود التسمية عنده وأصل آخر لتخريج هذه المسائل ما ذكره بعض مشايخنا ان الدلالة لا تعتبر إذا وجد الصريح وإذا لم يوجد تعتبر ففي المسائل الثلاث وجد من الكلب صريح الطاعة بالارسال حيث عدا بارساله وانزجاره طاعة للزاجر بطريق الدلالة فلا يعتبر في مقابلة الصريح وفى المسألة الرابعة لم يوجد الصريح فاعتبرت الدلالة وعلى هذا يخرج بقية المسائل ومنها بقاء الارسال وهو أن يكون أخذ الكلب أو البازي الصيد في حال فور الارسال لا في حال انقطاعه حتى لو أرسل الكلب أو البازي على صيد وسمى فاخذ صيدا وقتله ثم أخذ آخر على فوره ذلك وقتله ثم وثم يؤكل ذلك كله لان الارسال لم ينقطع فكان الثاني كالأول مع ما بينا ان التعيين ليس بشرط في الصيد لأنه لا يمكن فكان أخذ الكلب أو البازي الصيد في فور الارسال كوقوع السهم بصيدين فان أخذ صيدا وجثم عليه طويلا ثم مر به آخر فاخذه وقتله لم يؤكل الا بارسال مستقبل أو بزجره وتسمية على وجه ينزجر فيما يحتمل الزجر لبطلان الفور وكذلك ان ارسل كلبه أو بازه على صيد فعدل عن الصيد يمنة أو يسرة وتشاغل بغير طلب الصيد وفتر عن سننه ذلك ثم تبع صيدا آخر فاخذه وقتله لا يؤكل الا بارسال مستأنف أو أن يزجره صاحبه ويسمى فينزجر فيما يحتمل الزجر لأنه لما تشاغل بغير طلب الصيد فقد انقطع حكم الارسال فإذا صاد صيدا بعد ذلك فقد ترسل بنفسه فلا يحل صيده الا أن يزجره صاحبه فيما يحتمل الزجر لما بينا وإن كان الذي أرسل فهدا والفهد إذا أرسل كمن ولا يتبع حتى يستمكن فيمكث ساعة ثم يأخذ الصيد فيقتله فإنه يؤكل وكذلك الكلب إذا أرسل فصنع كما يصنع الفهد فلا بأس بأكل ما صاد لان حكم الارسال لم ينقطع بالكمون لأنه إنما يكمن ليتمكن من الصيد فكان ذلك من أسباب الاصطياد ووسيلة إليه فلا ينقطع به حكم الارسال كالوثوب والعدو وكذلك البازي إذا أرسل فسقط على شئ ثم طار فاخذ الصيد فإنه يؤكل لأنه إنما يسقط على شئ ليتمكن من الصيد فكان سقوطه بمنزلة كمون الفهد وكذلك الرامي إذا رمى صيدا بسهم فما اصابه في سننه ذلك ووجهه أكل لأنه إذا مضى في سننه فلم ينقطع حكم الرمي فكان ذهابه بقوة الرامي فكان قتله مضافا إليه فيحل فان أصاب واحدا ثم نفذ إلى آخر وآخر أكل الكل لما قلنا مع ما أن تعيين الصيد ليس بشرط فان أمالت الريح السهم إلى ناحية أخرى يمينا أو شمالا فأصاب صيدا آخر لم يؤكل لان السهم إذا تحول عن سننه فقد انقطع حكم الرمي فصارت الإصابة بغير فعل الرامي فلا يحل كما لو كان على جبل سيف فألقته الريح على صيد فقتله انه
(٥٥)