بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٩٦
أن يتماسا فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا أي فعليهم ذلك لما قلنا (وأما) كفارة الافطار فلا ذكر لها في الكتاب العزيز وإنما عرف وجوبها بالسنة وهو ما روى أن اعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله هلكت وأهلكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا صنعت فقال واقعت امرأتي في شهر رمضان متعمدا فقال النبي عليه الصلاة والسلام أعتق رقبة قال ليس عندي ما أعتق فقال له عليه الصلاة والسلام صم شهرين متتابعين قال لا أستطيع فقال له عليه الصلاة والسلام أطعم ستين مسكينا فقال لا أجد ما أطعم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق فيه خمسة عشر صاعا من تمر فقال خذها وفرقها على المساكين فقال أعلى أهل بيت أحوج منى والله ما بين لابتي المدينة أحد أحوج منى ومن عيالي فقال له النبي عليه الصلاة والسلام كلها وأطعم عيالك تجزيك ولا تجزى أحدا بعدك وفى بعض الروايات ان الاعرابي لما قال ذلك تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال عليه الصلاة والسلام كلها وأطعم عيالك تجزيك ولا تجزى أحدا بعدك فقد أمر عليه الصلاة والسلام بالاعتاق ثم بالصوم ثم بالاطعام ومطلق الامر محمول على الوجوب والله عز شأنه أعلم.
(فصل) وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع فلوجوبها كيفيتان إحداهما ان بعضها واجب على التعيين مطلقا وبعضها على التخيير مطلقا وبعضها على التخيير في حال والتعيين في حال (أما) الأول فكفارة القتل والظهار والافطار لان الواجب في كفارة القتل التحرير على التعيين لقوله عز شأنه ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة إلى قوله جل شأنه فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين والواجب في كفارة الظهار والافطار ما هو الواجب في كفارة القتل وزيادة الاطعام إذا لم يستطع الصيام لقوله عز شأنه فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا وكذا الواجب في كفارة الافطار لما روينا من الحديث (وأما) الثاني فكفارة الحلق لقوله عز شأنه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وأما الثالث فهو كفارة اليمين لان الواجب فيها أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلا غير عين وخيار التعيين إلى الحالف يعين أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلا وهذا مذهب أهل السنة والجماعة في الامر بأحد الأشياء أنه يكون أمرا بواحد منها غير عين وللمأمور خيار التعيين وقالت المعتزلة يكون أمر بالكل على سبيل البدل وهذا الاختلاف بناء على أصل مختلف بيننا وبينهم معروف يذكر في أصول الفقه والصحيح قولنا لان كلمة أو إذا دخلت بين أفعال يراد بها واحد منها لا الكل في الاخبار والايجاب جميعا يقال جاءني زيد أو عمرو ويراد به مجئ أحدهما ويقول الرجل لآخر بع هذا أو هذا ويكون توكيلا ببيع أحدهما فالقول بوجوب الكل يكون عدولا عن مقتضى اللغة ولدلائل آخر عرفت في أصول الفقه فإن لم يجد شيئا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام على التعيين لقوله عز شأنه فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم والثانية أن الكفارات كلها واجبة على التراخي هو الصحيح من مذهب أصحابنا في الامر المطلق عن الوقت حتى لا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الامكان ويكون مؤديا لا قضايا ومعنى الوجوب على التراخي هو أن يجب في جزء من عمره غير عين وإنما يتعين بتعيينه فعلا أو في آخر عمره بأن أخره إلى وقت يغلب على ظنه انه لو لم يؤد فيه لفات فإذا أدى فقد أدى الواجب وان لم يؤد حتى مات أثم لتضييق الوجوب عليه في آخر العمر وهل يؤخذ من تركته ينظر إن كان لم يوص لا يؤخذ ويسقط في حق أحكام الدنيا عندنا كالزكاة والنذر ولو تبرع عنه ورثته جاز عنه في الاطعام والكسوة وأطعموا في كفارة اليمين عشرة مساكين أو كسوتهم وفى كفارة الظهار والافطار أطعموا ستين مسكينا ولا يجبرون عليه ولا يجوز أن يعتقوا عنه لان التبرع بالاعتاق عن الغير لا يصح ولا أن يصوموا عنه لأنه عبادة بدنية محضة فلا تجرى فيه النيابة وقد روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلى أحد عن أحد وإن كان أوصى بذلك يؤخذ من ثلث ماله فيطعم الوصي في كفارة اليمين عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة لأنه لما أوصى فقد بقي ملكه في ثلث ماله وفى كفارة القتل والظهار والافطار تحرير رقبة ان بلغ ثلث ماله قيمة الرقبة وان لم يبلغ أطعم ستين مسكينا في كفارة الظهار والافطار ولا يجب الصوم فيها وان أوصى لأن الصوم نفسه لا يحتمل النيابة
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306