ولا يجوز الفداء عنه بالطعام لأنه في نفسه بدل والبدل لا يكون له بدل ولو أوصى أن يطعم عنه عشرة مساكين عن كفارة يمينه ثم مات فغدى الوصي عشرة ثم ماتوا يستأنف فيغدى ويعشي غيرهم لأنه لا سبيل إلى تفريق الغداء والعشاء على شخصين لما نذكر ولا يضمن الوصي شيئا لأنه غير متعد إذ لا صنع له في الموت ولو قال أطعموا عنى عشرة مساكين غداء وعشاء ولم يسم كفارة فغدوا عشرة ثم ماتوا يعشوا عشرة غيرهم لأنه لم يأمر بذلك على وجه الكفارة ألا ترى انه لم يسم كفارة فكان سببه النذر فجاز التفريق والله تعالى عز شأنه أعلم (فصل) وأما شرائط وجوب كل نوع فكل ما هو شرط انعقاد سبب وجوب هذه الكفارة من اليمين والظهار والافطار والقتل فهو شرط وجوبها لان الشروط كلها شروط العلل عندنا وقد ذكرنا ذلك في كتاب الايمان والظهار والصوم والجنايات ومن شرائط وجوبها القدرة على أداء الواجب وهذا شرط معقول لاستحالة وجوب فعل بدون القدرة عليه غير أن الواجب إذا كان معينا تشترط القدرة على أدائه عينا كما في كفارة القتل والظهار والافطار فلا يجب التحرير فيها الا إذا كان واجدا للرقبة وهو أن يكون له فضل مال على كفايته يؤخذ به رقبة صالحة للتكفير فإن لم يكن لا يجب عليه التحرير لقوله جل وعلا فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين شرط سبحانه وتعالى عدم وجدان الرقبة لوجوب الصوم فلو لم يكن الوجود شرطا لوجوب التحرير وكان يجب عليه وجد أو لم يجد لم يكن لشرط عدم وجدان الرقبة لوجوب الصوم معنى فدل ان عدم الوجود شرط الوجوب فإذا كان في ملكه رقبة صالحة للتكفير يجب عليه تحريرها سواء كان عليه دين أو لم يكن لأنه واجد حقيقة فكذا إذا لم يكن في ملكه عين رقبة وله فضل مال على كفايته يجب رقبة صالحة للتكفير لأنه يكون واجدا من حيث المعنى فأما إذا لم يكن له فضل مال على قدر كفاية ما يتوصل به إلى الرقبة ولا في ملكه عين الرقبة لا يجب عليه التحرير لان قدر الكفارة مستحق الصرف إلى حاجته الضرورية والمستحق كالمصروف فكان ملحقا بالعدم كالماء المحتاج إليه للشرب في السفر حتى يباح له التيمم ويدخل تحت قوله عز شأنه فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا وإن كان موجودا حقيقة لكنه لما كان مستحق الصرف إلى الحاجة الضرورية الحق بالعدم شرعا كذا هذا وإن كان الواجب واحدا منها كما في كفارة اليمين تشترط القدرة على أداء الواجب على الابهام وهو أن يكون في ملكه فضل على كفاية ما يجد به أحد الأشياء الثلاثة لأنه يكون واجدا معنى أو يكون في ملكه واحد من المنصوص عليه عينا من عبد صالح للتكفير أو كسوة عشرة مساكين أو اطعام عشرة مساكين لأنه يكون واجدا حقيقة وكذا لا يجب الصيام ولا الاطعام فيما للطعام فيه مدخل الا على القادر عليهما لان ايجاب الفعل على العاجز ممتنع ولقوله عز اسمه في كفارة الظهار فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا شرط سبحانه وتعالى عدم استطاعة الصيام لوجوب الاطعام فدل ان استطاعة الصوم شرط لوجوبه ولا يجب على العبد في الأنواع كلها الا الصوم لأنه لا يقدر الا عليه لأنه ليس من أهل ملك المال لأنه مملوك في نفسه فلا يملك شيئا ولو أعتق عنه مولاه أو أطعم أو كسا لا يجوز لأنه لا يملك وان ملك وكذا المكاتب لأنه عبد ما بقي عليه درهم وكذا المستسعى في قول أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه بمنزلة المكاتب (ومنها) العجز عن التحرير عينا في الأنواع الثلاثة شرط لوجوب الصوم فيها لقوله عز شأنه في كفارة القتل والظهار فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين أي من لم يجد رقبة شرط سبحانه وتعالى عدم وجود الرقبة لوجوب الصوم فلا يجب الصوم مع القدرة على التحرير (وأما) في كفارة اليمين فالعجز عن الأشياء الثلاثة شرط لوجوب الصوم فيها لقوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام أي فمن لم يجد واحدا منها فعليه صيام ثلاثة أيام فلا يجب الصوم مع القدرة على واحد منها (وأما) العجز عن الصيام فشرط لوجوب الاطعام فيما للاطعام فيه مدخل لقوله جل وعلا فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا أي من لم يستطع الصيام فعليه اطعام ستين مسكينا فلا يجب الاطعام مع استطاعة الصيام ثم اختلف في أن المعتبر هو القدرة والعجز وقت الوجوب أم وقت الأداء قال أصحابنا رحمهم الله وقت الأداء وقال الشافعي رحمه الله وقت الوجوب حتى لو كان
(٩٧)