واختيار الأول لا تستعمل لفظة لا ينبغي الا في مثله ولهذا لو قضى جاز ونفذ قضاؤه نص عليه محمد وليس ذلك لكونه محل الاجتهاد ولان القضاء بمذهب المخالف في المجتهدات إنما ينفذ بشريطة اعتقاد اصابته فيه وافضاء اجتهاده إليه وقد أطلق القضية في النفاذ من غير هذا الشرط فدل انه لا خلاف في المسألة على التحقيق ثم إن ثبت الخلاف (فوجه) قول محمد ان حق الشفعة إنما يثبت لدفع ضرر الدخيل عن الشفيع والقضاء قبل احضار الثمن يتضمن الضرر بالمشترى لاحتمال افلاس الشفيع ودفع الضرر عن الانسان باضرار غيره متناقض فلا يقضى قبل الاحضار ولكن يؤجله يومين أو ثلاثة ان طلب التأجيل تمكينا له من نقد الثمن (وجه) ظاهر الرواية ان الشفيع يصير متملكا المشفوع فيه بمقتضى القضاء بالشفعة كان اشتراه منه والتملك بالشراء لا يقف على احضار الثمن كما في الشراء المبتدأ وقال محمد رحمه الله لو ضرب له القاضي أجلا فقال له ان لم تأت بالثمن إلى وقت كذا فلا شفعة لك فلم يأت به بطلت شفعته وكذا إذا قال الشفيع ان لم أعطك الثمن إلى وقت كذا فأنا برئ من الشفعة لان هذا تعليق اسقاط حق الشفعة بالشرط والاسقاطات مما يحتمل التعليق بالشرط كالطلاق والعتاق ونحو ذلك.
(فصل) وأما بيان شرط التملك فالتملك بالشفعة له شرطان أحدهما رضا المشترى أو قضاء القاضي لان تملك مال الغير مما لا سبيل إليه في الشرع الا بالتراضي أو بقضاء القاضي فلا يثبت التملك بدونهما والثاني أن لا يتضمن التملك تفريق الصفقة على المشترى فان تضمن ليس له أن يتملك لان في التفريق ضررا بالمشترى وهو ضرر الشركة ودفع الضرر بالضرر متناقض وعلى هذا يخرج ما إذا أراد الشفيع أن يأخذ بعض المشترى بالشفعة دون بعض أنه هل يملك ذلك فجملة الكلام فيه ان المشترى لا يخلو اما أن يكون بعضه ممتازا عن البعض واما أن لا يكون فإن لم يكن بأن اشترى دارا واحدة فأراد الشفيع أن يأخذ بعضها بالشفعة دون البعض أو يأخذ الجانب الذي يلي الدار دون الباقي ليس له ذلك بلا خلاف بين أصحابنا ولكن يأخذ الكل أو يدع لأنه لو اخذ البعض دون البعض لتفرقت الصفقة على المشترى لان الملك له في كل الدار ثبت بقول واحد فكان اخذ البعض تفريقا فلا يملكه الشفيع وسواء اشترى واحد من واحدا أو واحد من اثنين أو أكثر حتى لو أراد الشفيع ان يأخذ نصيب أحد البائعين ليس له لما قلنا سواء كان المشترى قبض أو لم يقبض في ظاهر الرواية عن أصحابنا وروى عنهم أن للشفيع أن يأخذ نصيب أحد البائعين قبل القبض وليس له أن يأخذ من المشترى نصيب أحدهما بعد القبض (وجه) هذه الرواية ان التملك قبل القبض لا يتضمن معنى التفريق لان التملك يقع على البائع وقد خرج نصيبه عن ملكه فلا يلزمه ضرر التفريق وهو ضرر الشركة بخلاف ما بعد القبض لان التملك بعد القبض يقع على المشترى الا ترى ان العهدة عليه وفيه تفريق ملكه والصحيح جواب الرواية لان الملك قبل القبض للمشترى بصفقة واحدة فبملك نصيب أحد البائعين تفريق ملكه فيلزمه ضرر الشركة ولو اشترى رجلان من رجل دارا فللشفيع أن يأخذ نصيب أحد المشتريين في قولهم جميعا لان الاخذ هنا لا يتضمن التفريق لان الصفقة حصلت متفرقة وقت وجودها إذ الملك في نصيب كل واحد منهما ثبت بقوله فلم تتحد الصفقة فلا يقع الاخذ تفريقا لحصول التفريق قبله وسواء كان بعد القبض أو قبله في ظاهر الرواية وروى أنه ليس للشفيع أن يأخذ قبل القبض الا الكل وبعد القبض له أن يأخذ نصيب أحد المشتريين (وجه) هذه الرواية أن اخذ البعض قبل القبض يتضمن تفريق اليد على البائع والتملك قبل القبض لا يتضمن التفريق لان التملك يقع على البائع وانه لا يجوز الا ترى ان أحد المشتريين لو أراد أن يقبض حصته دون صاحبه ليس له ذلك (وجه) ظاهر الرواية ما ذكرنا ان الصفقة حصلت متفرقة من الابتداء فلا يكون أخذ البعض تفريقا لحصول التفريق قبل الاخذ وقوله فيه تفريق اليد وهو القبض ممنوع فالشفيع يتملك نصيب أحد المشتريين بالشفعة ولكنه لا يفرق اليد حتى لو نقد الثمن ليس له ان يقبض أحد النصفين ما لم ينقد الآخر كيلا يتفرق القبض وسواء سمى لكل نصف ثمنا على حدة أو سمى للجملة ثمنا واحدا فالعبرة لاتحاد الصفقة وتعددها لا لاتحاد الثمن وتعدده لان المانع من التفريق هو الضرر والضرر