بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٣٤
عن ملكه والمشترى والشفيع يدعيان الزوال عن ملكه فكان القول قول البائع كما لو وقع الاختلاف بينهم في أصل العقد (وجه) ظاهر الرواية ان الخيار لا يثبت الا باشتراطهما فالبائع بدعوى الخيار يدعى الاشتراط على المشترى وهو ينكر فكان القول قوله كما لو ادعى المشترى الشراء بثمن مؤجل وادعى البائع التعجيل فالقول قول البائع لما ان التأجيل لا يثبت الا بشرط يوجد من البائع وهو منكر للشرط فكان القول قوله كذا هذا بخلاف ما لو أنكر البائع البيع والمشترى يدعيه ان القول قول البائع لان أنكر زوال ملكه ولم يدع على المشترى فعلا فكان القول قوله ولو أراد الشفيع ان يأخذ الدار المشتراة بالشفعة فقال البائع والمشترى كان البيع فاسدا فلا شفعة لك وقال الشفيع كان جائزا ولى الشفعة فهو على اختلافهم في شرط الخيار للبائع في قول أبي حنيفة ومحمد واحدى الروايتين عن أبي يوسف القول قول العاقدين ولا شفعة للشفيع وفى رواية عن أبي يوسف القول قول الشفيع وله الشفعة فأبو يوسف يعتبر الاختلاف بينهم في الصحة والفساد باختلاف المتعاقدين فيما بينهما لو اختلفا فيما بينهما في الصحة والفساد كان القول قول من يدعى الصحة كذا هذا والجامع أن الصحة أصل في العقد والفساد عارض وهما يعتبران اختلافهم في هذا باختلافهم في البتات والخيار للبائع والجامع أن الشفيع بدعوى البتات والصحة يدعى عليهما حق التمليك وهما بدعوى الخيار والفساد ينكران ذلك فكان القول قولهما وكذا هما اعرف بصفة العقد الواقع منهما لقيامه بهما فكان القول في ذلك قولهما والله سبحانه وتعالى اعلم.
(فصل) وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة فقد ذكروا لاسقاط الشفعة حيلا بعضها يعم الشفعاء كلهم وبعضها يخص البعض دون البعض اما الذي يعم كل الشفاء فنحو ان يشترى الدار بأكثر من قيمتها بأن كانت قيمتها ألفا فيشتريها بألفين وينقد من الثمن ألفا الا عشرة ثم يبيع المشترى من البائع عرضا قيمته عشرة بألف درهم وعشرة فتحصل الدار للمشترى بألف لا يأخذها الشفيع الا بألفين وهذه الحيلة ليست بمسقطة للشفعة شرعا لكنها مانعة من الاخذ بالشفعة عادة الا ترى أن للشفيع أن يأخذها بألفين ويلتزم الضرر (وأما) الذي يخص بعض الشفعاء دون بعض فأنواع منها أن يبيع دارا الا ذراعا منها في طول الحد الذي يلي دار الشفيع فالشفيع لا يستحق الشفعة اما في قدر الذراع فلانعدام الشرط وهو البيع وأما فيما وراء ذلك فلانعدام السبب وهو الجوار ومنها ان يهب البائع الحائط الذي بينه وبين الجار مع أصله للمشترى مقسوما ويسلمه إليه أو يهب له من الأرض قدر ذراع من الجانب الذي يلي دار الشفيع ويسلمه إليه ثم يبيع منه البقية بالثمن فلا شفعة للجار لا في الموهوب ولا في المبيع (اما) في الموهوب فلانعدام شرط وجوب الشفعة وهو البيع وأما في المبيع فلانعدام سبب الوجوب وهو الجوار ومنها ان يبيع الدار نصفين فيبيع الحائط بأصله أولا بثمن كثير ثم يبيع بقية الدار بثمن قليل فلا شفعة للشفيع شرعا فيما وراء الحائط لانعدام السبب وهو الجوار ولا يأخذ الحائط عادة لكثرة الثمن ومنها يبيع الدار والأرض في صفقتين فيبيع من الدار بناها ومن الأرض أشجارها أولا بثمن قليل ثم يبيع الأرض بثمن كثير فلا شفعة للشفيع في البناء والشجر شرعا لانفرادهما بالصفقة ولا يأخذ الأرض بذلك الثمن عادة ليضمن تكثير الثمن ومنها أن يبيع الدار نصفين فيبيع عشرا منها بثمن كثير ثم يبيع البقية بثمن قليل فلا يأخذ الشفيع العشر بثمنه عادة لما فيه من الضرر ولا شفعة له في تسعة أعشارها شرعا لأنه حين اشترى البقية كان شريك البائع بالعشر والشريك في البقعة مقدم على الجار والخليط وهذا النوع من الحيلة لا يصلح للشريك لان الشفيع إذا كان شريكا له أن يأخذ نصف البقعة بقليل الثمن أيضا ولو كانت الدار لصغير فلا تباع بقية الدار بقليل الثمن لأنه لا يجوز إذ هو بيع مال الصغير بأقل من قيمته مقدار ما يتغابن الناس في مثله عادة والولي لا يملك ذلك فالسبيل فيه ان تباع بقية الدار بثمن مثله (ومنها) ما ذكره الخصاف رحمه الله أن يقر البائع بسهم من الدار للمشترى ثم يبيع بقية الدار منه فلا يستحق الشفيع الشفعة أما في القدر المقر به فلانعدام شرط الاستحقاق وهو البيع وأما فيما ورواء ذلك فلان المشترى صار شريك البائع في ذلك السهم والشريك في البقعة مقدم على الجار والخليط ومن
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306