بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١١٨
أبو حنيفة رضي الله عنه السكران الذي يحد هو الذي لا يعقل قليلا ولا كثيرا ولا يعقل الأرض من السماء والرجل من المرأة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى ومحمد رحمه الله السكران هو الذي يغلب على كلامه الهذيان وروى عن أبي يوسف أن يمتحن بقل يا أيها الكافرون فيستقرأ فإن لم يقدر على قراءتها فهو سكران لما روى أن رجلا صنع طعاما فدعى سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا عليا وسيدنا سعد بن أبي وقاص رضى الله تعالى عنهم فأكلوا وسقاهم خمرا وكان قبل تحريم الخمر فحضرتهم صلاة المغرب فأمهم واحد منهم فقرأ قل يا أيها الكافرون على طرح لا أعبد ما تعبدون فنزل قوله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون وهذا الامتحان غير سديد لان من السكارى من لم يتعلم هذه السورة من القرآن أصلا ومن تعلم فقد يتعذر عليه قراءتها في حالة الصحو خصوصا من لا اعتناء له بأمر القرآن فكيف في حالة السكر وقال الشافعي رحمه الله إذا شرب حتى ظهر أثره في مشيه وأطرافه وحركاته فهو سكران وهذا أيضا غير سديد لان هذا أمر لا ثبات له لأنه يختلف باختلاف أحوال الناس منهم من يظهر ذلك منه بأدنى شئ ومنهم من لا يظهر فيه وان بلغ به السكر غايته (وجه) قولهما شهادة العرف والعادة فان السكران في متعارف الناس اسم لمن هذى واليه أشار سيدنا علي رضي الله عنه بقوله إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وحد المفترى ثمانون وأبو حنيفة عليه الرحمة يسلم ذلك في الجملة فيقول أصل السكر يعرف بذلك لكنه اعتبر في باب الحدود ما هو الغاية في الباب احتيالا للدرء المأمور به بقوله صلى الله عليه وسلم ادرؤا الحدود ما استطعتم ولا يعرف بلوغ السكر غايته الا بما ذكر والله عز وجل أعلم.
(كتاب الاستحسان) وقد يسمى كتاب الحظر والإباحة وقد يسمى كتاب الكراهة والكلام في هذا الكتاب في الأصل في موضعين في بيان معنى اسم الكتاب وفي بيان أنواع المحظورات والمباحات المجموعة فيه (أما) الأول فالاستحسان يذكر ويراد به كون الشئ على صفة الحسن ويذكر ويراد به فعل المستحسن وهو رؤية الشئ حسنا يقال استحسنت كذا أي رأيته حسنا فأحتمل تخصيص هذا الكتاب بالتسمية بالاستحسان لاختصاص عامة ما أورد فيه من الأحكام بحسن ليس في غيرها ولكونها على وجه يستحسنها العقل والشرع (وأما) التسمية بالحظر والإباحة فتسمية طابقت معناها ووافقت مقتضاها لاختصاصه ببيان جملة من المحظورات والمباحات وكذا التسمية بالكراهة لان الغالب فيه بيان المحرمات وكل محرم مكروه في الشرع لان الكراهة ضد المحبة والرضا قال الله تبارك وتعالى وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والشرع لا يحب الحرام ولا يرضى به الا أن ما تثبت حرمته بدليل مقطوع به من نص الكتاب العزيز أو غير ذلك فعادة محمد أنه يسميه حراما على الاطلاق وما تثبت حرمته بدليل غير مقطوع به من أخبار الآحاد وأقاويل الصحابة الكرام رضي الله عنهم وغير ذلك يسميه مكروها وربما يجمع بينهما فيقول حرام مكروه اشعارا منه ان حرمته ثبتت بدليل ظاهر لا بدليل قاطع (وأما) بيان أنواع المحرمات والمحللات المجموعة فيه فنقول وبالله تعالى التوفيق المحرمات المجموعة في هذا الكتاب في الأصل نوعان نوع ثبتت حرمته في حق الرجال والنساء جميعا ونوع ثبتت حرمته في حق الرجال دون النساء (أما) الذي ثبتت حرمته في حق الرجال والنساء جميعا فبعضها مذكور في مواضعه في الكتب فلا نعيده ونذكر ما لا ذكر له في الكتب ونبدأ بما بدأ به محمد رحمه الله الكتاب وهو حرمة النظر والمس والكلام فيها في ثلاث مواضع أحدها في بيان ما يحل من ذلك ويحرم للرجل من المرأة والمرأة من الرجل والثاني في بيان ما يحل ويحرم للرجل من الرجل والثالث في بيان ما يحل ويحرم للمرأة من المرأة (أما) الأول فلا يمكن الوصول إلى معرفته الا بعد معرفة أنواع النساء فنقول وبالله تعالى التوفيق النساء في هذا الباب سبعة أنواع نوع منهن المنكوحات ونوع منهن المملوكات ونوع منهن ذوات الرحم المحرم
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306