مؤجل تصحيحا للتصرف بالقدر الممكن وأما اسلام الموزونات في المكيلات فجائز على العموم سواء كان الموزون الذي جعله رأس المال عرضا يتعين بالتعيين أو ثمنا لا يتعين بالتعيين وهو الدراهم والدنانير لأنه لم يجمعها أحد الوصفين وهو القدر المتفق أو الجنس فلم توجد العلة ولو أسلم جنسا في جنسه وغير جنسه كما إذا أسلم مكيلا في مكيل وموزون لم يجز السلم في جميعه عند أبي حنيفة رحمه الله وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يجوز في حصة خلاف الجنس وهو الموزون وهو على اختلافهم فيمن جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة وقد ذكرناه فيما تقدم (وأما) اسلام غير المكيل والموزون في جنسه من الذرعيات والعدديات كالهروي في الهروي والمروى في المروى والحيوان في الحيوان فلا يجوز عندنا وعند الشافعي رحمه الله يجوز ولقب هذه المسألة أن الجنس بانفراده يحرم النساء عندنا وعنده لا يحرم فلا يجوز اسلام الجوز في الجوز والبيض في البيض والتفاح في التفاح والحفنة في الحفنة بالاجماع لوجود الجنس عندنا ولوجود الطعم عنده وأجمعوا على أنه يجوز اسلام الهروي في المروى لانعدام أحد الوصفين عندنا وعنده لانعدام الطعم والثمنية ويجوز اسلام الجوز في البيض والتفاح في السفرجل والحيوان في الثوب عندنا لما قلنا وعنده لا يجوز في المطعوم لوجود الطعم ولو أسلم الفلوس في الفلوس لا يجوز عندنا لوجود الجنس وعنده لوجود الثمنية وكذا إذا أسلم الأواني الصفرية في جنسها وهي تباع عددا لا يجوز عندنا لوجود المجانسة وعنده لوجود الثمنية والكلام في مسألة الجنس بانفراده مبنى على الكلام في مسألة الربا وأصل الشافعي فيها ما ذكرنا ان حرمة بيع المطعوم بجنسه وحرمة بيع الأثمان بجنسها هي الأصل والتساوي في المعيار الشرعي مع اليد مخلص عن الحرمة بطريق الرخصة أو ربا النساء عنده هو فضل الحلول على الأجل في المطعومات والثمنية في الأثمان وقد ذكرنا ما له من الدليل على صحة هذا الأصل فيما تقدم والكلام لأصحابنا في هذه المسألة على نحو ما ذكرنا في علة ربا الفضل وهو ان السلم في المطعومات والأثمان إنما كان ربا لكونه فضلا خاليا عن العوض يمكن التحرز عنه في عقد المعاوضة لان البيع عقد مبادلة على طريق المقابلة والمساواة في البدلين ولهذا لو كانا نقدين يجوز ولا مساواة بين النقد والنسيئة لأن العين خير من الدين والمعجل أكثر قيمة من المؤجل فكان ينبغي أن يكون كل فضل مشروط في البيع ربا سواء كان الفضل من حيث الذات أو من حيث الأوصاف الا ما لا يمكن التحرز عنه دفعا للحرج وفضل التعيين يمكن التحرز عنه بأن يبيع عينا بعين وحالا غير مؤجل وهذا المعنى موجود في غير المطعوم والأثمان فورود الشرع ثمة يكون ورودا ههنا دلالة وابتداء الدليل لنا في المسألة ما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا ربا الا في النسيئة وروى أنما الربا في النسيئة حقق عليه الصلاة والسلام الربا في النسيئة من غير فصل بين المطعوم والأثمان وغيرها فيجب القول بتحقيق الربا فيها على الاطلاق والعموم الا ما خص أو قيد بدليل والربا حرام بنص الكتاب العزيز وإذا كان الجنس أحد وصفى علة ربا الفضل وعلة ربا النسيئة عندنا وشرط علة ربا الفضل عنده فلا بد من معرفة الجنس من كل ما يجرى فيه الربا فنقول وبالله التوفيق الحنطة كلها على اختلاف أنواعها وأوصافها وبلدانها جنس واحد وكذلك الشعير وكذلك دقيقهما وكذا سويقهما وكذلك التمر وكذلك الملح وكذلك العنب وكذلك الزبيب وكذلك الذهب والفضة فلا يجوز بيع كل مكيل من ذلك بجنسه متفاضلا في الكيل وان تساويا في النوع والصفة بلا خلاف واما متساويا في الكيل متفاضلا في النوع والصفة فنقول لا خلاف في أنه يجوز بيع الحنطة بالحنطة السقية بالسقية والنحسية بالنحسية وإحداهما بالأخرى والجيدة بالجيدة والرديئة بالرديئة وإحداهما بالأخرى والجديدة بالجديدة والعتيقة بالعتيقة وإحداهما بالأخرى والمقلوة بالمقلوة وكذلك الشعير على هذا وكذلك دقيق الحنطة ودقيق الشعير فيجوز بيع دقيق الحنطة وسويق الحنطة بسويق الحنطة وكذا دقيق الشعير وسويقه وكذا التمر بالتمر البرنى بالمعقلى والجيد بالردئ والجديد بالجديد والعتيق بالعتيق وأحدهما بالآخر وكذلك العنب بالعنب والزبيب اليابس بالزبيب اليابس ولا خلاف في أنه لا يجوز بيع حنطة مقلية بحنطة غير مقلية والمطبوخة بغير مطبوخة وبيع
(١٨٧)