بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٩٠
واجمعوا على أنه لا يجوز بيع دهن السمسم بالسمسم الا على طريق الاعتبار وهو أن يكون الدهن الخالص أكثر من الدهن الذي في السمسم حتى يكون الدهن بإزاء الدهن والزائد بإزاء خلاف جنسه وهو الكسب وكذلك دهن الجوز بلب الجوز (وأما) دهن الجوز بالجوز فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يجوز مجازفة وقال بعضهم لا يجوز الا على طريق الاعتبار وأجمعوا على أن بيع النصال بالحديد غير المصنوع جائز مجازفة بعد أن يكون يدا بيد أما الكلام مع الشافعي رحمه الله فهو بنى مذهبه على أصل له ذكرناه غير مرة وهو ان حرمة بيع مأكول بجنسه هو العزيمة والجواز عند التساوي في المعيار الشرعي رخصة ولا يعرف التساوي بين اللحم الخالص وبين اللحم الذي في الشاة فيبقى على أصل الحرمة وقد أبطلنا هذا الأصل في علة الربا (وأما) الكلام مع أصحابنا (فوجه) قول محمد رحمه الله أن في تجويز المجازفة ههنا احتمال الربا فوجب التحرز عنه ما أمكن وأمكن بمراعاة طريق الاعتبار فلزم مراعاته قياسا على بيع الدهن بالسمسم والدليل على أن فيه الربا أن اللحم موزون فيحتمل أن يكون اللحم المنزوع أقل من اللحم الذي في الشاة وزنا فيكون شئ من اللحم مع السقط زيادة ويحتمل أن يكون مثله في الوزن فيكون السقط زيادة فوجب مراعاة طريق الاعتبار تحرزا عن الربا عند الامكان ولهذا لم يجز بيع الدهن بالسمسم والزيت بالزيتون الا على طريق الاعتبار كذا هذا ولهذا قلنا إن هذا بيع الموزون بما ليس بموزون يدا بيد فيجوز مجازفة ومفاضلة استدلالا ببيع الحديد الغير المصنوع بالنصال مجازفة ومفاضلة يدا بيد ودلالة الوصف أن اللحم المنزوع وإن كان موزونا فاللحم الذي في الشاة ليس بموزون لان الموزون ماله طريق إلى معرفة مقدار ثقله ولا طريق إلى معرفة ثقل اللحم الذي في الشاة لان الطريق اما أن يكون الوزن بالقبان واما أن يكون الاستدلال بالتجربة واما أن يكون بالحزر والتخمين من غير تفاوت فاحش وشئ من ذلك لا يصلح طريقا لمعرفة مقدار اللحم الذي في الشاة (اما) الوزن بالقبان فلان الشاة لا توزن بالقبان عرفا ولا عادة ولو صلح الوزن طريقا لوزن لان امكان الوزن ثابت والحاجة إلى معرفة مقدار اللحم الذي فيها ماسة حتى يتعرف المشترى ذلك بالجس والمس باليد والرفع من الأرض ونحو ذلك ولان الحي يثقل بنفسه مرة ويخف أخرى فيختلف وزنه فدل أن الوزن لا يصلح طريق المعرفة (وأما) التجربة فان ذلك بالذبح ووزن المذبوح ليعرف اللحم الذي كان فيها عند العقد بطريق الظهور لا يمكن لان الشاة تحتمل الزيادة والنقصان والسمن والهزال ساعة فساعة فلا يعرف به مقدار ثقله حالة العقد بالتجربة (وأما) الحزر والظن فإنه لا حرز لمن لا بصارة له في هذا الباب بل يخطئ لا محالة ومن له بصارة يغلط أيضا ظاهرا وغالبا ويظهر تفاوت فاحش فدل أنه لا طريق لمعرفة اللحم الذي في الشاة الحية فلم يكن موزونا فلا يكون محلا لربا الفضل بخلاف بيع دهن السمسم بالسمسم لان ذلك بيع الموزون بالموزون لأنه يمكن معرفة مقدار الدهن في السمسم بالتجربة بان يوزن قدر من السمسم فيستخرج دهنه فيظهر وزن دهنه الذي في الجملة بالقياس عليه أو يعصر الجملة فيظهر قدر الدهن الذي كان فيها حالة العقد أو يعرف بالحرز والتخمين انه كم يخرج من الدهن من هذا القدر من غير ت فاوت فاحش يلحق الضرر بأحد العاقدين فكان ذلك بيع الموزون بالموزون مجازفة فلم يجز لاحتمال الربا والله سبحانه وتعالى أعلم ولو باع شاة مذبوحة غير مسلوخة بلحم شاة لا يجوز الا على طريق الاعتبار بالاجماع لان اللحم الذي في الشاة المذبوحة موزون فقد باع الموزون بجنسه وبخلاف جنسه فيراعى فيه طريق الاعتبار بخلاف اللحم الذي في الشاة الحية فإنه غير موزون لما قلنا فلم يتحقق الربا فجازت المجازفة فيه ولو باع شاة حية بشاة مذبوحة غير مسلوخة مجازفة جاز بالاجماع اما عندهما فظاهر لأنه باع الموزون بما ليس بموزون فلا يتحقق الربا كما لو باع شاة حية بلحم الشاة وأما عند محمد فلان اللحم يقابل اللحم وزيادة اللحم في إحداهما مع سقطها يكون بمقابلة سقط الأخرى فلا يتحقق الربا وكذلك لو باع شاتين حيتين بشاة واحدة مذبوحة غير مسلوخة جاز بالاجماع على اختلاف الأصلين ولو باع شاتين مذبوحتين غير مسلوختين بشاة واحدة مذبوحة غير مسلوخة يجوز ويكون اللحم بمقابلة اللحم وزيادة اللحم في أحد الجانبين مع السقط يكون بمقابلة سقط
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306