وسلم عن بيع فيه غرر والمنهى عنه فاسد وبعضها شرط التلهي وانه محظور وبعضها يغير مقتضى العقد وهو معنى الفساد إذ الفساد هو التغيير والله سبحانه وتعالى أعلم ثم قران الشرط الفاسد بالعقد والحاقه به سواء عند أبي حنيفة رحمه الله حتى لو باع بيعا صحيحا ثم ألحق به شيئا من هذه الشروط المفسدة يلتحق به ويفسد العقد وعندهما لا يلتحق به ولا يفسد العقد وأجمعوا على أنه لو ألحق بالعقد الصحيح شرطا صحيحا كالخيار الصحيح في البيع البات ونحو ذلك يلتحق به (وجه) قولهما ان الحاق الشرط الفاسد بالعقد يغير العقد من الصحة إلى الفساد فلا يصح فبقي العقد صحيحا كما كان لأن العقد كلام لا بقاء له والالتحاق بالمعدوم لا يجوز فكان ينبغي أن لا يصح الالحاق أصلا الا أن الحاق الشرط الصحيح بأصل العقد ثبت شرعا للحاجة إليه حتى صح قرانه بالعقد فيصح الحاقه به فلا حاجة إلى الحاق الشرط الفاسد في الأصل وقولهما الالحاق تغيير للعقد قلنا إن كان تغييرا فلهما ولاية التغيير ألا ترى أن لهما ولاية التغيير بالزيادة في الثمن والمثمن والحط عن الثمن وبالحاق الشرط الصحيح وإن كان تغييرا ولأنهما يملكان الفسخ فالتغيير أولى لان التغيير تبديل الوصف والفسخ رفع الأصل والوصف والله سبحانه أعلم (ومنها) الرضا لقول الله تعالى الا أن تكون تجارة عن تراض منكم عقيب قوله عز اسمه يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وقال عليه الصلاة والسلام لا يحل مال امرء مسلم الا بطيب من نفسه فلا يصح بيع المكره إذا باع مكرها وسلم مكرها لعدم الرضا فأما إذا باع مكرها وسلم طائعا فالبيع صحيح على ما نذكره في كتاب الاكراه ولا يصح بيع الهازل لأنه متكلم بكلام البيع لا على إدارة حقيقته فلم يوجد الرضا بالبيع فلا يصح بخلاف طلاق الهازل انه واقع لان الفائت بالاكراه ليس الا الرضا والرضا ليس بشرط لوقوع الطلاق بخلاف البيع على أن الهزل في باب الطلاق ملحق بالجد شرعا قال عليه الصلاة والسلام ثلاث جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والعتاق الحق الهازل بالجاد فيه ومثل هذا لم يرد في البيع وعلى هذا يخرج بيع المنابذة والملامسة والحصاة الذي كان يفعله أهل الجاهلية كان الرجلان يتساومان السلعة فإذا أراد أحدهما الزام البيع نبذ السلعة إلى المشترى فيلزم البيع رضى المشترى أم سخط أو لمسها المشترى أو وضع عليها حصاة فجاء الاسلام فشرط الرضا وأبطل ذلك كله وعلى هذا يخرج بيع التلجئة وهي ما لجأ الانسان إليه بغير اختياره اختيار الايثار وجملة الكلام فيه أن التلجئة في الأصل لا تخلو اما أن تكون في نفس البيع واما أن تكون في الثمن فإن كانت في نفس البيع فاما أن تكون في إنشاء البيع واما أن تكون في الاقرار به فإن كانت في إنشاء البيع بان تواضعوا في السر لأمر ألجأهم إليه على أن يظهر البيع ولا بيع بينهما حقيقة وإنما هو رياء وسمعة نحو أن يخاف رجل السلطان فيقول الرجل انى أظهر أنى بعت منك داري وليس بيع في الحقيقة وإنما هو تلجئة فتبايعا فالبيع باطل في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وهو قول أبى يوسف ومحمد لأنهما تكلما بصيغة البيع لا على قصد الحقيقة وهو تفسير الهزل والهزل يمنع جواز البيع لأنه يعدم الرضا بمباشرة السبب فلم يكن هذا بيعا منعقدا في حق الحكم وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة ان البيع جائز لان ما شرطاه في السر لم يذكراه في العقد وإنما عقدا عقدا صحيحا بشرائط فلا يؤثر فيه ما تقدم من الشرط كما إذا اتفقا على أن يشترطا شرطا فاسدا عند البيع ثم باعا من غير شرط والجواب ان الحكم ببطلان هذا البيع لمكان الضرورة فلو اعتبرنا وجود الشرط عند البيع لا تندفع الضرورة ولو أجاز أحدهما دون الآخر لم يجز وان أجازاه جاز كذا ذكر محمد لان الشرط السابق وهو المواضعة منعت انعقاد العقد في حق الحكم بمنزلة شرط خيار المتبايعين فلا يصح الا بتراضيهما ولا يملكه المشترى بالقبض حتى لو كان المشترى عبدا فقبضه وأعتقه لا ينفذ اعتاقه بخلاف المكره على البيع والتسليم إذا باع وسلم فأعتقه المشترى انه ينفذ اعتاقه لان بيع المكره انعقد سببا للحكم لوجود الرضا بمباشرة السبب عقلا لما فيه من صيانة نفسه عن الهلاك فانعقد السبب الا أنه فسد لانعدام
(١٧٦)