بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٩٨
فلا يجوز الشراء بالنوع الأول الا وزنا لأنها في حكم الجياد وانها وزنية فلم يجز الشراء بها الا وزنا إذا لم يكن مشار إليها وكذلك بالنوع الثالث لما ذكرنا في الاستقراض وأما النوع الثالث فالامر فيه على التفصيل الذي ذكرناه في الاستقراض ان الناس إن كانوا يتبايعون بها وزنا لا عددا لا يجوز لاحد أن يبتاع بها عددا لان الوزن صفة أصلية للدراهم وإنما تصير عددية بتعامل الناس فان جرى التعامل بها وزنا لا عددا فقد تقررت الصفة الأصلية وبقيت وزنية فإذا اشترى بها عددا على غير وزن والعدد هدر ولم توجد الإشارة فقد بقي الثمن مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة لأنه لا يدرى ما وزن هذا القدر من العدد المسمى فيوجب فساد العقد بخلاف ما إذا اشترى بها عددا على غير وزن ولكن أشار إليها فيما يكتفى فيه بالإشارة حيث يجوز لان مقدار وزنها وإن كان مجهولا بعد الإشارة إليها لكن هذه جهالة لا تفضى إلى المنازعة لأنه يمكن معرفة مقدار المشار إليه بالوزن إذا كان قائما فلا يمنع جواز العقد وإن كانوا يتبايعون بها عددا جاز لأنها صارت عددية بتعامل الناس وصارت كالفلوس الرائجة هذا إذا اشترى بالأنواع الثلاثة عددا على وزن ولم يعينها فاما إذا عينها واشترى بها عرضا بأن قال اشتريت هذا العرض بهذه الدراهم وأشار إليها فلا شك في جواز الشراء بها ولا تتعين بالإشارة إليها ولا يتعلق العقد بعينها حتى لو هلكت قبل أن ينقدها المشترى لا يبطل البيع ويعطى مكانها مثلها من جنسها ونوعها وقدرها وصفتها (أما) النوع الأول فلأنها بمنزلة الدراهم الجياد وانها لا تتعين بالإشارة إليها ولا يبطل البيع بهلاكها فكذا هذه (وأما) النوع الثاني فلان الصفة فيها إن كانت هي الغالبة على ما يقوله السباكون فهي في حكم النوع الأول وان لم يغلب أحدهما على الآخر يعتبر كل واحد منهما بحياله فلا يبطل البيع أيضا لان اعتبار الفضة لا يوجب البطلان لأنها لا تتعين واعتبار الصفر يوجب لأنه يتعين فلا يبطل بالشك (وأما) النوع الثالث فلان الناس إن كانوا يتعاملون بها وزنا فهي وسائر الدراهم سواء فلا تتعين بالإشارة ويتعلق العقد بمثلها في الذمة لا بعينها فلا يبطل البيع بهلاكها وإن كانوا يتعاملون بها عددا فهي بمنزلة الفلوس الرائجة وأنها إذا قوبلت بخلاف جنسها في المعاوضات لا تتعين ولا يتعلق العقد بعينها بل بمثلها عددا ولا يبطل بهلاكها كذا هذا ولو كسد هذا النوع من الدراهم وصارت لا تروج بين الناس فهي بمنزلة الفلوس الكاسدة والستوق والرصاص حتى تتعين بالإشارة إليها ويتعلق العقد بعينها حتى يبطل العقد بهلاكها قبل القبض لأنها صارت سلعة لكن قالوا هذا إذا كان العاقدان عالمين بحال هذه ويعلم كل واحد منهما ان الآخر يعلم بذلك فاما إذا كانا لا يعلمان أو يعلم أحدهما ولم يعلم الآخر أو يعلمان لكن لا يعلم كل واحد منهما ان صاحبه يعلم قان العقد لا يتعلق بالمشار إليه ولا بجنسا وإنما يتعلق بالدراهم الرائجة التي عليها تعامل الناس في تلك البلد هذا إذا صارت بحيث لا تروج أصلا فاما إذا كانت يقبلها البعض دون البعض فحكمها حكم الدراهم الزائفة فيجوز الشراء بها ولا يتعلق العقد بعينها بل يتعلق بجنس تلك الدراهم الزيوف إن كان البائع يعلم بحالها خاصة لأنه رضى بجنس الزيوف وإن كان البائع لا يعلم لا يتعلق العقد بجنس المشار إليه وإنما يتعلق بالجيد من نقد تلك البلد لأنه لم يرض الا به إذا كان لا يعلم بحالها والله سبحانه وتعالى أعلم ثم إنما لا يبطل البيع بهلاك الدراهم في الأنواع الثلاثة بعد الإشارة إليها إذا كان علم عددها أو وزنها قبل الهلاك لأنه إذا كان علم ذلك يمكن اعطاء مثلها بعد هلاكها فاما إذا كان لم يعلم لا عددها ولا وزنها حتى هلكت يبطل البيع لان الثمن صار مجهولا إذ المشترى لا يمكنه اعطاء مثل الدراهم المشار إليها (ومنها) الخلو من شبهة الربا لان الشبهة ملحقة بالحقيقة في باب الحرمات احتياطا وأصله ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لوابصة بن معبد رضي الله عنه الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك وعلى هذا يخرج ما إذا باع رجل شيئا نقدا أو نسيئة وقبضه المشترى ولم ينقد ثمنه انه لا يجوز لبائعه ان يشتريه من مشتريه بأقل من ثمنه الذي باعه منه عندنا وعند الشافعي رحمه الله يجوز (وجه) قوله إن هذا بيع استجمع شرائط جوازه وخلا عن الشروط المفسدة إياه فلا معنى للحكم بفساده كما إذا اشتراه بعد نقد الثمن ولنا ما روى أن امرأة جاءت إلى سيدتنا عائشة رضي الله عنها وقالت انى ابتعت
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306