ربا واما متساويا في الوزن متفاضلا في النوع والصفة كالمصوغ بالتبر والجيد بالردئ فيجوز عندنا وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز بيع الجيد بالردئ واحتج بالحديث المشهور مثلا بمثل ولا مماثلة بين الجيد والردئ في القيمة وأما الحديث المشهور مثلا يمثل فالمراد منه المماثلة في الوزن وكذا روى في بعض الروايات وزنا بوزن وقوله عليه الصلاة والسلام جيدها ورديئها سواء وبه تبين ان الجودة عند المقابلة بجنسها لا قيمة لها شرعا فلا يظهر الفضل واللحوم معتبرة بأصولها فان تجانس الأصلان تجانس اللحمان فتراعى فيه المماثلة ولا يجوز الا متساويا وأن اختلف الأصلان اختلف اللحمان فيجوز بيع أحدهما بالآخر متساويا ومتفاضلا بعد أن يكون يدا بيد ولا يجوز نسيئة لوجود أحد وصفى علة ربا الفضل وهو الوزن إذا عرف هذا فنقول لحوم الإبل كلها على اختلاف أنواعها من لحوم العراب والبخاتي والهجين وذى السنامين وذى سنام واحد جنس واحد لان الإبل كلها جنس واحد فكذا لحومها وكذا لحوم البقر والجواميس كلها جنس واحد ولحوم الغنم من الضأن والنعجة والمعز والتيس جنس واحد اعتبارا بالأصول وهذا عندنا وقال الشافعي رحمه الله اللحوم كلها جنس واحد اتحدت أصولها أو اختلفت حتى لا يجوز بيع لحم الإبل بالبقر والبقر بالغنم متفاضلا (وجه) قوله إن اللحمين استويا اسما ومنفعة وهي التغذى والتقوى فاتحد الجنس فلزم اعتبار المماثلة في بيع بعضها ببعض (ولنا) ان أصول هذه اللحوم مختلفة الجنس فكذا اللحوم لأنها فروع تلك الأصول واختلاف الأصل يوجب اختلاف الفرع قوله الاسم شامل والمقصود متحد قلنا المعتبر في اتحاد الجنس اتحاد المقصود الخاص لا العام ألا ترى ان المطعومات كلها في معنى الطعم متحدة ثم لا يجعل كلها جنسا واحدا كالحنطة مع الشعير ونحو ذلك حتى يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا مع اتحادهما في معنى الطعم لكن لما كان ذلك معنى عاما لم يوجب اتحاد الجنس كذا هذا وروى عن أبي يوسف انه يجوز بيع الطير بعضه ببعض متفاضلا وإن كان ا من جنس واحد لأنه لا يوزن عادة وعلى هذا الباب هذه الحيوانات حكمها حكم أصولها عند الاتحاد والاختلاف لأنها متفرعة من الأصول فكانت معتبرة بأصولها وكذا خل الدقل مع خل العنب جنسان مختلفان اعتبارا بأصلهما واللحم مع الشحم جنسان مختلفان لاختلاف الاسم والمنافع وكذا مع الالية والالية مع الشحم جنسان مختلفان لما قلنا وشحم البطن مع شحم الظهر جنسان مختلفان وكذا مع الالية بمنزلة اللحم مع شحم البطن والالية لأنه لحم سمين وصوف الشاة مع شعر المعز جنسان مختلفان لاختلاف الاسم والمنفعة وكذا غزل الصوف مع غزل الشعر والقطن مع الكتان جنسان مختلفان وكذا غزل القطن مع غزل الكتان ولا يجوز بيع غزل القطن بالقطن متساويا لان القطن ينقص بالغزل فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر كبيع الدقيق بالحنطة (وأما) الحيوان مع اللحم فان اختلف الأصلان فهما جنسان مختلفان كالشاة الحية مع لحم الإبل والبقر فيجوز بيع البعض بالبعض مجاذفة نقدا ونسيئة لانعدام الوزن والجنس فلا يتحقق الربا أصلا وان اتفقا كالشاة الحية مع لحم الشاة من مشايخنا من اعتبرهما جنسين مختلفين وبنوا عليه جواز بيع لحم الشاة بالشاة الحية مجازفة عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعللوا لهما بأنه باع الجنس بخلاف الجنس (ومنهم) من اعتبرهما جنسا واحدا وبنوا مذهبهما على أن الشاة ليست بموزونة وجريان ربا الفضل يعتمد اجتماع الوصفين الجنس مع القدر فيجوز بيع أحدهما بالآخر مجازفة ومفاضلة بعد أن يكون يدا بيد وهو الصحيح على ما عرف في الخلافيات وقال محمد لا يجوز الا على وجه الاعتبار على أن يكون وزن اللحم الخالص أكثر من اللحم الذي في الشاة الحية بالحزر والظن فيكون اللحم بإزاء اللحم والزيادة بإزاء اخلاف الجنس من الأطراف والسقط من الرأس والأكارع والجلد والشحم فإن كان اللحم الخالص مثل قدر اللحم الذي في الشاة الحية أو أقل أو لا يدرى لا يجوز وعلى هذا الخلاف إذا باع الشاة الحية بشحم الشاة أو باليتها وهذا مذهب أصحابنا وقال الشافعي رحمه الله اللحوم كلها جنس واحد فلا يجوز بيع اللحم بالحيوان كيف ما كان سواء اتفق الأصلان أو اختلفا باع مجازفة أو على طريق الاعتبار وأجمعوا على أنه لا يجوز بيع الشاة بلحم الشاة نسيئة لوجود الجنس المحرم للنساء لان اللحم الخالص من جنس اللحم الذي في الشاة
(١٨٩)