ما يكال فيما يوزن وأسلم ما يوزن فيما يكال ولا تسلم ما يكال فيما يكال ولا ما يوزن فيما يوزن وإذا اختلف النوعان مما يكال أو يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يدا بيد ولا خير فيه نسيئة ولا بد من شرح هذه الجملة وتفصيل ما يحتاج منها إلى التفصيل لأنه رحمه الله أجرى القضية فيها عامة ومنها ما يحتمل العموم ومنها ما لا يحتمل فلا بد من بيان ذلك فنقول وبالله التوفيق لا يجوز اسلام المكيلات في المكيلات على العموم سواء كانا مطعومين كالحنطة في الحنطة أو في الشعير أو غير مطعومين كالجص في الجص أو في النورة وكذلك بيع المكيل بالمكيل حالا لا سلما لكن دينا موصوفا في الذمة لا يجوز سواء كانا من جنس واحد أو من جنسين مطعومين كانا أو غير مطعومين عندنا لان أحد وصفى علة ربا الفضل جمعهما وهو الكيل وعند الشافعي رحمه الله إن كانا مطعومين فكذلك وان لم يكونا مطعومين جاز لان العلة عنده الطعم (وأما) اسلام الموزونات في الموزونات ففيه تفصيل إن كانا جميعا مما يتعينان في العقد لا يجوز أيضا سواء كانا مطعومين كالسكر في الزعفران أو غير مطعومين كالحديد في النحاس لوجود أحد وصفى علة ربا الفضل الذي هو علة تامة لربا النساء وعند الشافعي يجوز في غير المطعوم ولا يجوز في المطعوم لما قلنا ون كانا مما لا يتعينان في العقد كالدراهم في الدنانير والدنانير في الدراهم أو الدراهم في الدراهم والدنانير في الدنانير أو لا يتعين المسلم فيه كالحديد في الدراهم والدنانير لا يجوز لان المسلم فيه مبيع لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم فهذا يقتضى أن يكون السلم بيع ما ليس عند الانسان لأنه رخص في بعض ما دخل تحت النهى والداخل تحت النهى هو البيع دل ان السلم نوع بيع ليستقيم اثبات الرخصة فيه فكان المسلم فيه مبيعا والمبيع مما يتعين بالتعيين والدراهم والدنانير لا يحتملان التعيين شرعا في عقود المعاوضات فلم يكونا متعينين فلا يصلحان مسلما فيهما وإن كان رأس المال مما لا يتعين والمسلم فيه مما يتعين كما لو أسلم الدراهم أو الدنانير في الزعفران أو في القطن أو الحديد وغيرها من سائر الموزونات فإنه يجوز لانعدام العلة وهي القدر المتفق أو الجنس أما المجانسة فظاهرة الانتفاء وأما القدر المتفق فلان وزن الثمن يخالف وزن المثمن ألا ترى أن الدراهم بالمثاقيل والقطن والحديد يوزنان بالقبان فلم يتفق القدر فلم توجد العلة فلا يتحقق الربا هذا إذا أسلم الدراهم أو الدنانير في سائر الموزونات فاما إذا أسلم نقرة فضة أو تبر ذهب أو المصوغ فيها فهل يجوز ذكر الاختلاف فيه بين أبى يوسف وزفر على قول أبى يوسف يجوز وعلى قول زفر لا يجوز (وجه) قول زفر أنه وجد علة ربا النساء وهي أحد وصفى علة ربو الفضل وهو الوزن في المالين فيتحقق الربا (وجه) قول أبى يوسف ان أحد الوصفين الذي هو علة القدر المتفق لا مطلق القدر ولم يوجد لان النقرة أو التبر من جنس الأثمان وأصل الأثمان ووزن الثمن يخالف وزن المثمن على ما ذكرنا فلم يتفق القدر فلم توجد العلة فلا يتحقق الربا كما إذا أسلم فيها الدراهم والدنانير ولو أسلم فيها الفلوس جاز لان الفلس عددي والعدد في العدديات ليس من أوصاف العلة ولو أسلم فيها الأواني الصفرية ينظر إن كانت تباع وزنا لم يجز لوجود الوزن الذي هو أحد وصفى علة ربا الفضل وإن كانت تباع عددية جاز لانعدام العلة وأما اسلام المكيلات في الموزونات فهو أيضا على التفصيل فإن كان الموزون مما يتعين بالتعيين يجوز سواء كانا مطعومين كالحنطة في الزيت أو الزعفران أو غير مطعومين كالجص في الحديد عندنا لعدم العلة وعند الشافعي لا يجوز في المطعومين لوجود العلة وإن كان مما لا يتعين بالتعيين وهو الدراهم والدنانير لا يجوز لما مر ان شرط جواز السلم أن يكون المسلم فيه مبيعا والدراهم والدنانير أثمان أبدا بخلاف سائر الموزونات ثم إذا لم يجز هذا العقد سلما هل يجوز بيعا ينظر إن كان بلفظ البيع يجوز ويكون بيعا بثمن مؤجل لأنه ان تعذر تصحيحه أمكن تصحيحه سلما بيعا بثمن مؤجل فيجعل بيعا به وإن كان بلفظ السلم اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجوز لان السلم يخالف مطلق البيع في الأحكام والشرائط فإذا لم يصح سلما بطل رأسا وقال بعضهم يجوز لان السلم نوع بيع ألا ترى ان النبي عليه الصلاة والسلام سماه بيعا حين نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم ولهذا ينعقد بلفظ البيع الا أنه اختص بشرائط مخصوصة فإذا تعذر تصحيحه بيعا هو سلم يصحح بيعا بثمن
(١٨٦)