أصلا ولا يسقط عن المشترى شئ من الثمن لان الأوصاف لا حصة لها من الثمن الا إذا ورد عليها القبض أو الجناية لأنها تصير مقصودة بالقبض والجناية فالمشترى بالخيار ان شاء أخذه بجميع الثمن وان شاء ترك لتعيب المبيع قبل القبض وان هلك بفعل المبيع بان جرح نفسه لا ينفسخ البيع ولا يسقط عن المشترى شئ من الثمن لان جنايته على نفسه هدر فصار كما لو هلك بعضه بآفة سماوية وهلاك بعضه نقصان الوصف والأوصاف لا تقابل بالثمن فلا يسقط شئ من الثمن ولكن المشترى بالخيار ان شاء أخذه بجميع الثمن وان شاء ترك لتغير المبيع ولو كان المشترى حيوانين سوى بني آدم فقتل أحدهما صاحبه قبل القبض تسقط حصته من الثمن والمشترى بالخيار ان شاء أخذ الباقي بحصته من الثمن وان شاء ترك لان فعل العجماء جبار فكأنه اشترى حيوانين ثم مات أحدهما قبل القبض حتف أنفه ولو كان المشترى عبدين فقتل أحدهما صاحبه قبل القبض أو كانت جارية فولدت قبل القبض فكبر الولد ثم قتل أحدهما صاحبه قبل القبض فالمشترى بالخيار ان شاء فسخ البيع في الباقي وبطلت الجناية لان الفسخ إعادة إلى ملك البائع فتبين ان القتل حصل في ملك البائع فبطل وان شاء أخذ القاتل منهما بجميع الثمن ولا يسقط عن المشترى شئ من الثمن لأنه لو اخذه بحصته من الثمن لصار آخذا بجميع الثمن في الانتهاء فيخير في الابتداء قصرا للمسافة ان شاء أخذ الحي منهما بجميع الثمن وان شاء ترك بيان ذلك أنه لو أخذ القاتل منهما بحصته من الثمن لا ينفسخ البيع في المقتول وانفساخ البيع ارتفاع من الأصل وعودة إلى ملك البائع فتبين ان عبد المشترى قتل عبد البائع فيخاطب بالدفع أو بالفداء وأيهما فعل قام مقام المقتول فيحيا المقتول معنى فيأخذه ببقية الثمن فصار في أخذ الباقي منهما بحصته من الثمن في الحال آخذا بجميع الثمن في المآل فخيرناه في الابتداء للاخذ بجميع الثمن والفسخ هذا وان هلك بفعل البائع يبطل البيع بقدره ويسقط عن المشترى حصة الهالك من الثمن وهو قدر النقصان اعتبارا للبعض بالكل سواء كان النقصان نقصان قيمة أو نقصان وصف لان الأوصاف لها حصة من الثمن عند ورود الجناية عليها لأنها تصير أصلا بالفعل فتقابل بالثمن والمشترى بالخيار في الباقي ان شاء أخذه بحصته من الثمن وان شاء ترك لتفرق الصفقة عليه ولو اختار المشترى الاخذ فلم يقبضه حتى مات من تلك الجناية أو من غيرها مات على البائع ويسقط الثمن عن المشترى لأن المبيع إنما يدخل في ضمان المشترى بالقبض ولم يوجد فان قبضه المشترى فمات من جناية البائع أو غيرها سقطت عن المشترى حصة جناية البائع ولزمه ما بقي من الثمن أما إذا مات من الجناية فلان قبض الباقي وجد من المشترى فتقرر قبضه فتقرر عليه ثمنه وكذا إذا مات من جناية البائع لان المشترى قبض الباقي حقيقة وقبض المبيع يوجب تقرر الثمن في الأصل الا إذا وجد من البائع ما ينقصه فيصير مستردا والسراية ليست فعله حقيقة وإنما هي صنع الله تعالى يعنى مصنوعه فبقي المقبوض على حكم قبض المشترى فتقرر عليه ثمنه ولان قبض المشترى بمنزلة انشاء العقد فيه لان للقبض شبها بالعقد وانشاء الشراء قاطع للسراية كما لو اشتراه منه بعد جنايته وقبضه ثم سرت إلى النفس ومات فكذلك القبض والله عز وجل أعلم وإذا هلك بفعل المشترى لا يبطل البيع ولا يسقط عنه شئ من الثمن لأنه صار قابضا للكل باتلاف البعض أو لا يتمكن من اتلاف البعض الا باثبات اليد على الكل وهو تفسير القبض أو صار قابضا قدر المتلف بالاتلاف والباقي بالتعييب فتقرر عليه كل الثمن ولو مات في يد البائع بعد جناية المشترى ينظر ان مات من تلك الجناية مات على المشترى وعليه الثمن لأنه لما مات من جنايته تبين ان فعله السابق وقع اتلافا للكل فتقرر كل الثمن سواء منعه البائع بعد جناية المشترى أو لم يمنعه لان منع البائع بعد وجود الاتلاف من المشترى هدر وان مات من غير الجناية فإن كان البائع لم يمنعه مات من مال المشترى أيضا وعليه كل الثمن لما ذكرنا انه بالجناية صار قابضا لكل المبيع ولم يوجد ما ينقض قبضه فبقي حكم ذلك القبض وإن كان منعه لزم المشترى حصة ما استهلك وسقط عنه ثمن ما بقي لان البائع لما منع فقد نقض قبض المشترى في قدر القائم فصار مستردا إياه فإذا هلك فقد هلك في ضمانه فيهلك عليه ولو جنى عليه البائع ثم جنى عليه المشترى سقط عن المشترى حصة جناية
(٢٤٠)