بالتفريق فيلحقهما الوحشة فكان التفريق اضرارا بهما بالحاق الوحشة وكذا بين الصغيرين لأنهما يأتلفان ويسكن قلب أحدهما بصاحبه فكان التفريق بينهما ايحاشا بهما فكره ولان الصبا من أسباب الرحمة قال عليه الصلاة والسلام من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا وفى التفريق ترك الرحمة فكان مكروها ثم الكلام في كراهة التفريق في مواضع في بيان شرائط الكراهة وفي بيان ما يحصل به التفريق وفي بيان صفة ما يحصل به التفريق انه جائز أم لا (اما) شرائط الكراهة (فمنها) صغر أحدهما وهو أن يكون أحدهما صغيرا أو يكونا صغيرين فإن كانا كبيرين لا يكره التفريق بينهما لما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا يجتمع عليهم السبي والتفريق حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية مد عليه الصلاة والسلام النهى عن التفريق إلى غاية البلوغ فدل على اختصاص الكراهة بحالة الصغر وزوالها بعد البلوغ ولان الكراهة معلولة بالاضرار بزوال الاستئناس والشفقة وترك الرحم وكل ذلك يختص بحالة الصغر (ومنها) الرحم وهو القرابة فإن كانا أجنبيين لم يكره التفريق بينهما (ومنها) المحرمية وهو أين يكونا ذوي رحم محرم بأن كان بينهما قرابة محرمة للنكاح فلا يكره التفريق بين ابني العم ونحو ذلك لان القربة المحرمة للنكاح محرمة القطع مفترضة الوصل فكانت منشأ الشفقة والانس بخلاف سائر القرابات وكذا المحرمية بدون الرحم لا تحرم التفريق كحرمة الرضاع والمصاهرة لانعدام معنى الشفقة والانس لعدم دليلهما وهو القرابة (ومنها) أن يكون مالكهما واحدا باي سبب ملكهما بشراء أو هبة أو ميراث أو صدقة أو وصية حتى لو كان أحدهما في ملكه والآخر في ملك ولده الصغير فلا بأس أن يبيع أحدهما دون الآخر وكذا لو كان له ولدان صغيران أحد المملوكين في ملك أحدهما والآخر في ملك الآخر لا بأس للأب أن يبيع أحدهما لان الكراهة في التفريق أن يكونا في ملك واحد وان لم يجمعهما ملك مالك واحد لا يقع البيع تفريقا لأنهما كانا متفرقين قبل البيع وكذا إذا كان أحدهما في ملكه والآخر في ملك مكاتبه لأنهما لم يجتمعا في ملك شخص واحد لان المكاتب فيما يرجع إلى الكسب ملحق بالاحرار فاختلف المالك وإن كان أحدهما في ملكه والاخر في ملك عبده المأذون فإن كان عليه دين مستغرق فلا بأس للمولى أن يبيع العبد الذي عنده فأما على أصل أبي حنيفة فظاهر لان المولى لا يملك كسب المأذون المديون فلم يجود بالاجتماع في ملك مالك واحد وعندهما وإن كان يملكه لكنه ملك تعلق به حق الغرماء فكان كالأجنبي عنه فلم يوجد الاجتماع معنى وان لم يكن عليه دين يكره للمولى أن يبيع أحدهما لوجود الاجتماع في ملك شخص واحد ولو كان أحدهما في ملكه والآخر في ملك مضاربه فلا بأس بالتفريق لان مال المضارب وان لم يكن ملك المضارب لكن له حق قوى فيه حتى جاز بيع المضارب من رب المال وبيع رب المال من المضارب استحسانا فكان رب المال بمنزلة الأجنبي فلم يوجد الاجتماع في ملك رجل واحد وعلى هذا يخرج ما إذا باع جارية كبيرة على أنه بالخيار فيها ثلاثة أيام ثم ملك والدها الصغير في مدة الخيار انه يكره ايجاب البيع في الجارية بالإجازة أو بالترك حتى تمضى المدة بل يفسخ البيع حتى لا يحصل التفريق لان خيار البائع يمنع زوال السلعة عن ملكه فكانت الجارية على ملكه فإذا ملك ولدها الصغير فقد اجتمعا في ملك شخص واحد فكانت الإجارة تفريقا فيكره ولو باع الجارية على أن المشترى بالخيار ثلاثة أيام ثم ملك البائع والدها الصغير في المدة فلا بأس للمشترى أن يجيز البيع أو يفسخ لان الجارية خرجت عن ملك البائع بلا خلاف لان خيار المشترى لا يمنع خروج السلعة عن ملك البائع بلا خلاف بين أصحابنا وإنما الخلاف في دخولها في ملك المشتري فلم يجتمع المملوكان في ملك شخص واحد فلم تكن الإجازة تفريقا ولو كان الخيار للمشترى ولها ابن عند المشترى لا تكره الإجازة بلا اشكال لان الإجازة لا تكون تفريقا بل تكون جمعا (وأما) الفسخ فكذلك لا يكره أيضا (اما) على أصل أبي حنيفة رحمه الله فلا يشكل أيضا لان الجارية لم تدخل في ملك المشتري لان خيار المشترى يمنع دخول السلعة في ملكه على أصله فلم يقع الفسخ تفريقا لانعدام الاجتماع في ملكه (واما) عندهما فالجارية وان دخلت في ملكه لكن الفسخ حقه فالاجبار
(٢٢٩)