عندهما شئ من ذلك ثم استقرضا وتقابضا ثم افترقا لا يجوز البيع لان الذي صحبه منهما حرف الباء يكون ثمنا والآخر مبيعا فيكون بائعا ما ليس عنده فلا يجوز الا سلما والسلم في مثله لا يجوز لأنه اسلام المكيل في المكيل واسلام الموزون الذي يتعين في الموزون الذي يتعين وكل ذلك لا يجوز والله عز وجل أعلم وعلى هذا يخرج الشراء بالدين ممن عليه الدين شيئا بعينه أو بغير عينه قبضه أو لم يقبضه وجملة الكلام فيه ان الدين لا يخلو من أن يكون دراهم أو دنانير أو فلوسا أو مكيلا أو موزونا أو قيمة المستهلك فإن كان دراهم أو دنانير فاشترى به شيئا بعينه جاز الشراء وقبض المشترى ليس بشرط لأنه يكون افتراقا عن عين بدين وأنه جائز فيما لا يتضمن ربا النساء ولا يتضمن ههنا وكذلك إن كان الدين مكيلا أو موزونا أو قيمة المستهلك لما قلنا ولو اشترى بدينه وهو دراهم شيئا بغير عينه بأن اشترى بها دينارا أو فلوسا أو هو فلوس فاشترى بها دراهم أو دنانير أو فلوسا جاز الشراء لكن يشترط قبض المشترى في المجلس حتى لا يحصل الافتراق عن دين بدين لان المشترى لا يتعين الا بالقبض ولو كان دينه دراهم أو دنانير أو فلوسا فاشترى بها مكيلا موصوفا أو موزونا موصوفا أو ثيابا موصوفة مؤجلة لم يجز الشراء لان الدراهم والدنانير أثمان على كل حال وكذا الفلوس عند المقابلة بخلاف جنسها فلم تكن مبيعة فكان الآخر مبيعا بائعا ما ليس عند الانسان ولا يجوز بيع ما ليس عند الانسان الا بطريق السلم ولا سبيل إلى تجويزه بطريق السلم لان رأس المال دين بخلاف الفصل الأول لان كل واحد منهما ثمنا فكان مشتريا بثمن ليس عنده وأنه جائز لكن لابد من التسليم كيلا يكون الافتراق عن دين بدين وإن كان الدين مكيلا أو موزونا فباعه بدراهم أو بدنانير أو بفلوس أو اشترى هذه الأشياء بدينه جاز لان الدراهم والدنانير أثمان على كل حال وكذا الفلوس عند مقابلتها بخلاف جنسها فكان من عليه الدين مشتريا بثمن ليس عنده وذلك جائز لكن يشترط القبض في المجلس لئلا يؤدى إلى الافتراق عن دين بدين ولو اشترى بالدين الذي هو مكيل أو موزون مكيلا أو موزونا من خلاف جنسه ينطر ان جعل الدين منهما مبيعا والآخر ثمنا بأن أدخل فيه حرف الباء وإن كان بغير عينه جاز لأنه يكون مشتريا بثمن ليس عنده الا ان القبض في المجلس شرط فلا يكون افتراقا عن دين بدين وان جعل الدين منهما ثمنا بأن أدخل حرف الباء فيه والآخر مبيعا لم يجز الشراء وان أحضر في المجلس لأنه بائع ما ليس عنده وبيع ما ليس عند الانسان لا يجوز الا بطريق السلم وإذا كان رأس المال دينا لا يجوز السلم وإن كان الدين قيمة المستهلك فإن كان المستهلك مما له مثل فهذا والأول سواء لان الواجب باستهلاكه مثله فإذا اشترى به شيئا من خلاف جنسه فحكمه ما ذكرنا وإن كان مما لا مثل له فاشترى به شيئا بعينه جاز وقبض المشترى ليس بشرط لان الواجب باستهلاكه القيمة والقيمة دراهم أو دنانير فصار مشتريا بدين الدراهم والدنانير شيئا بعينه فيجوز ولا يشترط قبض المشترى لأنه يحصل الافتراق عن عين بدين ولا بأس به فيما لا يتضمن ربا النساء ولو اشترى به شيئا بغير عينه من المكيل أو الموزون ينظر ان جعل ما عليه مبيعا وهذا ثمنا بان أدخل عليه حرف الباء يجوز الشراء لأنه اشترى بثمن ليس عنده فيجوز لكن لابد من القبض في المجلس وان جعل ما عليه ثمنا بان صحبه حرف الباء لا يجوز وان أحضر في المجلس لأنه باع ما ليس عند الانسان فلا يجوز الا بطريق السلم ولا سبيل إليه لان رأس ماله دين ولو وقع الصلح عن المستهلك على الدراهم أو الدنانير وقضى به الحاكم جاز ولا يكون القبض شرطا لان هذا ليس شراء بالدين بل هو نفس حقه ولو صالح على دراهم أو دنانير أكثر من قيمة المستهلك جاز الصلح عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد يجور بقدر القيمة والفضل على القيمة باطل وهي من مسائل الغصب نذكرها إن شاء الله تعالى ولو تبايعا عينا بفلوس بأعيانها بان قال بعت منك هذا الثوب أو هذه الحنطة بهذه الفلوس جاز ولا يتعين وان عينت بالإشارة إليها حتى كان المشترى ان يمسكها ويرد مثلها ولو هلكت قبل القبض لا يبطل البيع لأنها وان لم تكن في الوضع ثمنا فقد صارت ثمنا باصطلاح الناس ومن شأن الثمن أن لا يتعين بالتعيين وكذا إذا تبايعا درهما بعينه أو دينارا بعينه بفلوس بأعيانها فإنها لا تتعين أيضا كما لا تتعين الدراهم والدنانير لما قلنا الا ان القبض في المجلس ههنا شرط
(٢٣٦)