مثله إن كان من ذوات الأمثال وقيمته ان لم يكن من ذوات الأمثال وان شاء اختار البيع فاتبع الجاني بالضمان واتبعه البائع بالثمن لأن المبيع قد تعين في ضمان البائع لأنه كان عينا فصار قيمة وتعين المبيع في ضمان البائع يوجب الخيار ثم إن اختار الفسخ وفسخ واتبع البائع الجاني بالضمان وضمنه ينظر إن كان الضمان من جنس الثمن وفيه فضل على الثمن لا يطيب له الفضل لان الفضل ربح ما لم يملك لزوال المبيع عن ملكه بنفس البيع وربح ما لم يضمن لا يطيب لنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمن ولما فيه من شبهة الربا فربح ما لم يضمن أولى وإن كان الضمان من خلاف جنس الثمن طاب الفضل لان الربا لا يتحقق عند اختلاف الجنس وان اختار البيع واتبع الجاني بالضمان وضمنه فإن كان الضمان من جنس الثمن لا يطيب له الفضل لأنه ربح ما لم يضمن في حقه لا ربح ما لم يملك لأن المبيع ملكه وإن كان من خلاف جنسه طاب الفضل له لما قلنا ولو كان المشترى عبدا فقتله أجنبي قبل القبض فإن كان القتل خطأ لا ينفسح البيع وللمشتري خيار الفسخ والبيع لما قلنا الا أن ههنا إذا اختار الفسخ وفسخ البيع اتبع البائع عاقلة القاتل فأخذ قيمته في ثلاث سنين وان اختار المبيع اتبع العاقلة بقيمته في ثلاث سنين ولو كان القتل عمدا اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال قال أبو حنيفة عليه الرحمة أن المشترى بالخيار ان شاء فسخ البيع وللبائع أن يقتص القاتل بعبده وان شاء اختار البيع وله أن يقتص القاتل بعبده وعليه جميع الثمن وقال أبو يوسف رحمه الله المشترى بالخيار ان شاء فسخ البيع ويعود المبيع إلى ملك البائع وليس للبائع أن يقتص ولكنه يأخذ من مال القاتل القيمة في ثلاث سنين وان شاء اختار البيع وللمشتري أن يقتص وعليه جميع الثمن وقال محمد لا قصاص على القاتل بحال والمشترى بالخيار ان شاء فسخ البيع والبائع يأخذ القيمة من القاتل في ثلاث سنين وان شاء اختار البيع واتبع القاتل بالقيمة في ثلاث سنين (وجه) قول محمد رحمه الله ان العبد لم يكن على ملك البائع وقت القتل بل كان على ملك المشتري فلم ينعقد السبب موجبا للقصاص للبائع وملك المشتري لم يكن مستقرا بل كان محتملا للعود إلى ملك البائع بالفسخ فلا تثبت ولاية الاقتصاص لأحدهما (وجه) قول أبى يوسف انه لا سبيل إلى اثبات ولاية الاقتصاص للبائع لما قاله محمد وهو ان القتل صادف محلا ليس بمملوك للبائع عند القتل فاما الملك فثابت للمشترى وقت القتل وقد لزم وتقرر باختيار المشترى فتثبت له ولاية الاستيفاء ولأبي حنيفة رضي الله عنه انه أمكن القول بثبوت ولاية الاستيفاء لهما على اعتبار اختيار الفسخ وعلى اعتبار اختيار البيع أما على اعتبار اختيار البيع فلما قاله أبو يوسف وأما على اعتبار اختيار الفسخ فلان فسخ العقد رفعه من الأصل وجعله كان لم يكن فتبين ان الجناية وردت على ملك البائع فثبتت له ولاية الاقتصاص هذا إذا هلك المبيع كله قبل القبض فأما إذا هلك كله بعد القبض فان هلك بآفة سماوية أو بفعل المبيع أو بفعل المشترى لا ينفسح البيع والهلاك على المشترى وعليه الثمن لان البيع تقرر بقبض المبيع فتقرر الثمن وكذلك ان هلك بفعل أجنبي لما قلنا يرجع المشترى على الأجنبي بضمانه ويطيب له الفضل لان هذا الفضل ربح ما قد ضمن وان هلك بفعل البائع ينظر إن كان المشترى قبضه باذن البائع أو بغير اذنه لكن الثمن منقود أو مؤجل فاستهلاكه واستهلاك الأجنبي سواء وإن كان قبضه بغير اذن البائع صار مستردا للبيع بالاستهلاك فحصل الاستهلاك في ضمانه فيوجب بطلان البيع وسقوط الثمن كما لو استهلك وهو في يده والله عز وجل أعلم هذا إذا هلك كل المبيع قبل القبض أو بعده فأما إذا هلك بعضه فإن كان قبل القبض وهلك بآفة سماوية ينظر إن كان النقصان نقصان قدر بأن كان مكيلا أو موزونا أو معدودا ينفسخ العقد بقدر الهالك وتسقط حصته من الثمن لان كل قدر من المقدرات معقود عليه فيقابله شئ من الثمن وهلاك كل المعقود عليه يوجب انفساخ البيع في الكل وسقوط كل الثمن فهلاك بعضه يوجب انفساخ البيع وسقوط الثمن بقدره والمشترى بالخيار في الباقي ان شاء أخذه بحصته من الثمن وان شاء ترك لان الصفقة قد تفرقت عليه وإن كان النقصان وصف وهو كل ما يدخل في البيع من غير تسمية كالشجر والبناء في الأرض وأطراف الحيوان والجودة في المكيل والموزون لا ينفسخ البيع
(٢٣٩)