بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٤٥
يقبضه ولم يرد به أصل القبض لأنه موجود وإنما أراد به تمام القبض والدليل على أن الكيل والوزن في المكيل والموزون الذي بيع مكايلة وموازنة من تمام القبض أن القدر في المكيل والموزون معقود عليه ألا ترى أنه لو كيل فازداد لا تطيب له الزيادة بل ترد أو يفرض لها ثمن ولو نقص يطرح بحصته شئ من الثمن ولا يعرف القدر فيهما الا بالكيل والوزن لاحتمال الزيادة والنقصان فلا يتحقق قبض قدر المعقود عليه الا بالكيل والوزن فكان الكيل والوزن فيه من تمام القبض ولا يجوز بيع المبيع المنقول قبل قبضه بتمامه كما لا يجوز قبل قبضه أصلا ورأسا بخلاف المذروعات لان القدر فيها ليس معقود عليه بل هو جار مجرى الوصف والأوصاف لا تكون معقودا عليها ولهذا سلمت الزيادة للمشترى بلا ثمن وفى النقصان لا يسقط عنه شئ من الثمن فكانت التخلية فيها قبضا تاما فيكتفى بها في جواز التصرف قبل الذرع بخلاف المكيلات والموزونات على ما بينا الا أنه يخرج عن ضمان البائع بالتخلية نفسها لوجود القبض بأصله والخروج عن ضمان البائع يتعلق بأصل القبض لا بوصف الكمال فأما جواز التصرف فيه فيستدعى قبضا كاملا لورود النهى عن بيع ما لم يقبض والقبض المطلق هو القبض الكامل والله عز وجل أعلم (وأما) المعدودات المتقاربة إذا بيعت عدا لا جزافا فحكما حكم المكيلات والموزونات عند أبي حنيفة حتى لا يجوز بيعها الا بعد العد وعند أبي يوسف ومحمد حكمها حكم المذروعات فيجوز بيعها قبل العد (وجه) قولهما ان العددي ليس من أموال الربا كالذرع ولهذا لم تكن المساواة فيها شرطا لجواز العقد كما لا تشترط في المذروعات فكان حكمه كحكم المذروع ولأبي حنيفة رحمه الله ان القدر في المعدود معقود عليه كالقدر فيه المكيل والموزون ألا ترى انه لو عده فوجده زائدا لا تطيب الزيادة له بلا ثمن بل يردها أو يأخذها بثمنها ولو وجد ناقصا يرجع بقدر النقصان كما في المكيل والموزون دل أن القدر فيه معقود عليه واحتمال الزيادة والنقصان في عدد المبيع ثابت فلا بد من معرفة قدر المعقود عليه وامتيازه من غيره ولا يعرف قدره الا بالعد فأشبه المكيل والموزون ولهذا كان العد فيه بمنزلة المكيل والموزون في ضمان العدوان الا أنه لم يجز فيه الربا لان المساواة بين واحد وواحد في العد ثبتت باصطلاح الناس واهدارهم التفاوت بينهما في الصغر والكبر لكن ما ثبت باصطلاح الناس جاز أن يبطل باصطلاحهم ولما تبايعا واحدا باثنين فقد اهدر اصطلاح الاهدار واعتبر الكبر لأنهما قصد البيع الصحيح ولا صحة الا باعتبار الكبر وسقوط العد فكان أحدهما من أحد الجانبين بمقابلة الكبير من الجانب الآخر فلا يتحقق الربا أما ههنا فلا بد من اعتبار العد إذا بيع عدد أو إذا اعتبر العد لا يجوز التصرف فيه قبل القبض كما في المكيل والموزون بخلاف المذروع فان القدر فيه ليس بمعقود عليه على ما بينا فكانت التخلية فيه قبضا تاما فكان تصرفا في المبيع المنقول بعد القبض وانه جائز والله عز وجل أعلم ولو كاله البائع أو وزنه بحضرة المشترى كان ذلك كافيا ولا يحتاج إلى إعادة الكيل لان المقصود يحصل بكيله مرة واحدة بحضرة المشترى وما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجرى فيه صاعان صاع البائع وصاع المشترى محمول على موضع مخصوص وهو ما إذا اشترى مكيلا مكايلة فاكتاله ثم باعه من غيره مكايلة لم يجز لهذا المشترى التصرف فيه حتى يكيله وإن كان هو حاضرا عند اكتيال بائعه فلا يكتفى بذلك وكذلك إذا أسلم إلى رجل في حنطة فلما حل الأجل اشترى المسلم إليه قدر المسلم فيه من رجل مكايلة وأمر رب السلم باقتضائه فإنه لا يجوز له التصرف فيه ما لم يكله مرتين مرة للمسلم إليه ومرة لنفسه بالنص ولو كان مكان السلم قرض بأن استقرض المستقرض كرا من إنسان وأمر المقرض بقبض الكر فإنه يكتفى فيه بكيل واحد للمشترى والمستقرض (ووجه) الفرق ان الكيل والوزن فيما عقد بشرط الكيل والوزن في المكيل والموزون شرط جواز التصرف فهما لأنه من تمام القبض على ما بينا والسلم عقد بشرط الكيل والمسلم إليه اشترى بشرط الكيل فلا بد من أن يكيل رب السلم أولا للمسلم إليه ليصير قابضا له فيجعل كان المسلم إليه قبضه بنفسه من البائع ثم يكيل لنفسه ليصير قابضا لنفسه من المسلم إليه فاما قبض بدل القرض فليس بشرط لجواز التصرف فيه لان
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306