حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٦
ونوابه مضت على ما قاله سحنون إن كانت صوابا فليست كالجزية لما تقدم أنها وقعت من غير الامام ونوابه كانت باطلة. قوله: (أي صلح الحربي) أي على ترك القتال والجهاد قوله: (إن خلا إلخ) الحاصل أن المهادنة لا تجوز إلا بشروط أربعة: الأول أن يكون العاقد لها الامام أو نائبه. الثاني: أن تكون لمصلحة.
الثالث: أن يخلو عقدها عن شرط فاسد. الرابع: أن تكون مدتها معينة يعينها الامام باجتهاده وندب أن لا تزيد على أربعة أشهر. قوله: (وإن كانت المصلحة في عدمها امتنعت) أي وإن استوت المصلحة فيها وفي عدمها جازت. وقوله: فاللام للاختصاص أي وحينئذ، فكلام المصنف شامل للأقسام الثلاثة.
وقوله: لا للتخيير أي وإلا كان قاصرا على الأخير منها، كما أنها إذا كانت بمعنى على كان قاصرا على الأول فقط. قوله: (أو قرية) أي أو شرط بقاء قرية لنا حالة كونها خالية منا لهم يسكنون فيها. قوله: (وإن بمال يدفعه أهل الكفر لنا) أي وإن كان الشرط الفاسد مصاحبا لمال يدفعه أهل الكفر لنا، ولا يغتفر ذلك الشرط الفاسد لأجل المال الذي يدفعونه لنا، أو وإن كان الفساد بسبب إعطاء مال من المسلمين لهم. قوله: (وأما في منطوقه) أي وهو الخلو عن الشرط الفاسد والمعنى: وجاز للامام المهادنة إن خلت عن شرط فاسد وإن بمال يدفعه الامام لهم، وهذا الاحتمال فيه نظر لاقتضائه جواز عقدها على إعطاء مال لهم من غير ضرورة وليس كذلك، وأيضا متى دفع لهم مال لم تخل عن الشرط الفاسد فلا تصح المبالغة، فلعل الأولى أن يقول: وإما في شئ من متعلقات المنطوق وهو الشرط الفاسد في حد ذاته أي وإن كان الشرط الفاسد مصورا إلخ بسبب مال. قوله: (إلا لخوف مما هو أشد إلخ) أي كاستيلائهم على المسلمين فيجوز دفع المال لهم أو منهم، فقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم لما أحاطت القبائل بالمدينة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في أن يترك للمشركين ثلث الثمار لما خاف أن يكون الأنصار ملت القتال فقالا: إن كان هذا من الله فسمعنا وأطعنا وإن كان هذا رأيا فما أكلوا منها في الجاهلية ثمرة إلا بشراء أو قرى فكيف وقد أعزنا الله بالاسلام، فلما رأى النبي عزمهم على القتال ترك ذلك، فلو لم يكن الاعطاء عند الضرورة جائزا ما شاور رسول الله فيه. قوله: (ولا حد واجب لمدتها) لا يقال: هذا يخالف ما مر من أن شرط المهادنة أن تكون مدتها معينة. لأنا نقول: المراد أن شرطها أن يكون في مدة بعينها لا على التأبيد ولا على الابهام، ثم تلك المدة لا حد لها بل يعينها الامام باجتهاده. قوله: (وهذا) أي ندب عدم الزيادة على أربعة أشهر. قوله: (نبذه) أي العهد الواقع بينه وبينهم على المهادنة وترك الجهاد. قوله: (للضرورة) أي خوف الوقوع في الهلاك بالتمادي على العهد. قوله: (ووجب الوفاء إلخ) يعني إذا عاهدناهم على المهادنة وترك القتال مدة وأخذنا منهم رهائن واشترطوا علينا أنه إذا فرغت مدة المهادنة نرد لهم رهائنهم فإنه يجب علينا الوفاء بذلك فنردهم لهم ولو أسلموا عندنا. قوله: (وإن لم يشترطوا إلخ) أي كما هو رواية ابن القاسم عن مالك لجواز أن يفر من عندهم ويرجع لنا أو نفديه منهم. وقال ابن حبيب: لا نرد لهم الرهائن ولا الرسل إذا أسلموا ولو اشترطوا ردهم، وقيل: إن اشترطوا ردهم ولو أسلموا ردوا وإلا فلا. قوله: (كمن أسلم) أي كشرطهم رد من جاء إلينا منهم وأسلم فإنه يوفى به، هذا إذا كان غير رسول، بل وإن كان رسولا جاءنا باختيارهم وبالغ على الرسول لمخالفة ابن الماجشون فيه، ولئلا يتوهم أن شرطهم قاصر على من
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست