على الميت والغائب، وإذا أقر الرجل بالزنا أربع مرات في مقام واحد عند القاضي فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول هذا عندي بمنزلة مرة واحدة ولا حد عليه في هذا وبه يأخذ بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ماعز بن مالك أتاه فأقر عنده بالزنا فرده ثم أتاه الثانية فأقر عنده فرده ثم أتاه الثالثة فأقر عنده فرده ثم أتاه الرابعة فأقر عنده فسأل قومه هل تنكرون من عقله شيئا قالوا لا فأمر به فرجم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقيم الحد إذا أقر أربع مرات في مقام واحد (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا أقر الرجل بالزنا ووصفه الصفة التي توجب الحد في مجلس أربع مرات فسواء هو والذي أقر به في مجالس متفرقة إن كنا إنما احتجنا إلى أن يقر أربع مرات قياسا على أربعة شهود فالذي لم يقم عليه في أربع مرات في مقام واحد وأقامها عليه في أربع مرات في مقامات مختلفة ترك أصل قوله لأنه يزعم أن الشهود الأربعة لا يقبلون إلا في مقام واحد (قال) ولو تفرقوا حدهم فكان ينبغي له أن يقول الاقرار أربع مرات في مقام أثبت منه في أربعة مقامات فإن قال إنما أخذت بحديث ماعز فليس حديث ماعز كما وصف ولو كان وصف أن ماعزا أقر في أربعة أمكنة متفرقة أربع مرات ما كان قبول إقراره في مجلس أربع مرات خلافا لهذا لأنا لم ننظر إلى المجالس إنما نظرنا إلى اللفظ وليس الأمر كما قالا جميعا وإقراره مرة عند الحاكم يوجب الحد إذا ثبت عليه حتى يرجم ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم (أغديا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) وحديث ماعز يدل حين سأل أبه جنة أنه رده أربع مرات لانكار عقله، وإذا أقر الرجل بالزنا عند غير قاض أربع مرات فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان لا يرى ذلك شيئا ولا يحده وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول إذا قامت عليه الشهود بذلك أحده (قال الشافعي) رضي الله عنه: وإذا أقر الرجل عند غير قاض بالزنا فينبغي للقاضي أن لا يرجمه حتى يقر عنده وذلك أنه يقر عنده ويقضي برجمه فيرجع فيقبل رجوعه فإذا كان أصل القول في الاقرار هكذا لم ينبغ أن يرجمه حتى يقر عنده وينبغي إذا بعث به ليرجم أن يقول لهم متى رجع فاتركوه بعد وقوع الحجارة وقبلها وما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ماعز (فهلا تركتموه؟) إلا بعد وقوع الحجارة، وإذا رجع الرجل عن شهادته بالزنا وقد رجم صاحبه بها فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول يضرب الحد ويغرم ربع الدية وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول أقتله فإن رجعوا أربعتهم قتلتهم ولا نغرمهم الدية فإن رجع ثلاثة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى: ضربوا الحد وغرم كل واحد منهم ربع الدية (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم فرجع أحدهم عن شهادته سأله القاضي عن رجوعه فإن قال عمدت أن أشهد بزور قال له القاضي علمت أنك إذا شهدت مع غير ك قتل؟ فإن قال نعم دفعه إلى أولياء المقتول فإن شاءوا وقتلوا وإن شاءوا عفوا فإن قالوا نترك القتل ونأخذ الدية كان لهم عليه ربع الدية وعليه الحد في هذا كله وإن قال شهدت ولا أعلم ما يكون عليه القتل أو غيره أحلف ما عمد القتل وكان عليه ربع الدية والحد وهكذا الشهود معه كلهم إذا رجعوا، وإذا شهد الشهود عند القاضي على عبد وحلوه ووصفوه وهو في بلدة أخرى فكتب القاضي شهادتهم على ذلك فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول لا أقبل ذلك ولا أدفع إليه العبد لأن الحلية قد توافق الحلية وهو ينتفع بالعبد حتى يأتي به إلى القاضي الذي كتب له أرأيت لو كانت جارية جميلة والرجل غير أمين أكنت أبعث بها معه؟ وكان ابن أبي ليلى يختم في عنق العبد ويأخذ من الذي جاء بالكتاب كفيلا ثم يبعث به إلى القاضي فإذا جاءه العبد والكتاب الثاني دعا الشهود فإن شهدوا أنه عبده أبرأ كفيله وقضى بالعبد أنه له وكتب له بذلك كتابا إلى القاضي الذي أخذ منه الكفيل
(١٣٢)