نفسه في دين أو شراء أو بيع فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول لا تجوز شهادة شاهد على شهادة شاهد ولا يقبل عليه إلا شاهدان وكذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول أقبل شهادة شاهد على شهادة شاهد وكذلك بلغنا عن شريح وإبراهيم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين لم أقبل على كل شاهد لا شهادة شاهدين معا (قال الربيع) من قبل أن الشاهدين لو شهدا على شهادة شاهد لم يحكم بها الحاكم إلا بشاهد آخر فلما شهدا على شهادة الشاهد الآخر كانا إنما جرا إلى أنفسها إجازة شهادتهما الأولى التي أبطلها الحاكم فلم نجز إلا شهادة شاهدين على كل شاهد، وإذا شهد الشهود على دار أنها لفلان مات وتركها ميراثا بين فلان وفلان فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول إن شهدوا أنهم لا يعلمون له وارثا غير هؤلاء جازت الشهادة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول لا تجوز شهادتهم إذا قالوا لا نعلم له وارثا غير هؤلاء حتى يثبتوا ذلك فيقولوا لا وارث له غيرهم. وإذا وارث غيرهم ببينة أدخله معهم في الميراث ولم تبطل شهادة الأولين في قولهما (قال الشافعي) رضي الله عنه وإذا شهد الشهود أن هذه الدار دار فلان ما ت وتركها ميراثا لا يعلمون له وارثا إلا فلان وفلان قبل القاضي شهادتهم فإن كان الشاهدان من أهل المعرفة الباطنة به قضى لهم بالميراث وإن جاء ورثة غيرهم أدخلتهم عليهم وكذلك لو جاء أهل وصية أو دين فإن كانوا من غير أهل المعرفة الباطنة بالميت احتاط القاضي فسأل أهل المعرفة فقال هل تعلمون له وارثا غيرهم؟ فإن قالوا نعم قد بلغنا فإنا لا نقسم الميراث حتى نعلم كم هم فنقسمه عليهم فإن تطاول أن يثبت ذلك دعا القاضي الوارث بكفيل بالمال ودفعه إليه ولم يجبره إن لم يأت بكفيل ولو قال الشهود لا وارث له غيرهم قبلته على معنى لا نعلم ولو قالوا ذلك على الإحاطة لم يكن هذا صوابا منهم ولم يكن فيه ما رد شهادتهم لأن الشهادة على البت تؤول إلى العلم. وإذا شهد الشهود على زنا قديم أو سرقة قديمة فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول يدرأ الحد في ذلك ويقضي بالمال وينظر في المهر لأنه قد وطئ فإذا لم يقم الحد بالوطئ فلا بد من مهر وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال أيما قوم شهدوا على حد لم يشهدوا عند حضرة ذلك فإنما شهدوا على ضغن فلا شهادة لهم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول أقبل شهادتهم وأمضى الحد فأما السكران فإن أتى به وهو غير سكران فلا حد عليه وإن كان أخذ وهو سكران فلم يرتفع إلى الوالي حتى ذهب السكر عنه إلا أنه في يدي الشرط أو عامل الوالي فإنه يحد (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا شهد الشهود على حد لله أو للناس أو حد فيه شئ لله عز وجل وللناس مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر وأثبتوا الشهادة على المشهود عليه أنها بعد بلوغه في حال يعقل فيها أقيم عليه الحد ذلك الحد إلا أن يحدث بعده توبة فيلزمه ما للناس ويسقط عنه ما لله قياسا على قول الله عز وجل في المحاربين (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) الآية فما كان من حد لله باب صاحبه من قبل أن يقدر عليه سقط عنه والتوبة مما كان ذنبا بالكلام مثل القذف وما أشبهه الكلام بالرجوع عن ذلك والنزوع عنه والتوبة مما كان ذنبا بالفعل مثل الزنا وما أشبهه فبترك الفعل مدة يختبر فيها حتى يكون ذلك معروفا وإنما يخرج من الشئ بترك الذي به فيه (قال الربيع) للشافعي فيها قول آخر أنه يقام عليه الحد وإن تاب لأن الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر بالحد لم يأته إن شاء الله تعالى إلا تائبا وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه وليس طرح الحدود التي لله عز وجل إلا في المحاربين خاصة فأما ما كان للآدميين فإنهم إن كانوا قتلوا فأولياء الدم مخيرون في قتلهم أو أخذ الدية أو أن يعفوا وإن كانوا أخذوا المال أخذ منهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا شهد الشهود عند
(١٣٠)