عن امرأته فلم ينفق عليه فرضت عليه النفقة لما مضى منذ ترك النفقة عليها إلى أن أنفق ولا يجوز أن يكون لو كان حاضرا ألزمناه نفقتها وبعنا لها في ماله ثم يغيب عنها أو يمنعها النفقة ولا نجعل لها عليه دينا لأن الظلم إذا يقطع الحق الثابت والظلم لا يقطع حقا والذي يزعم أنه يفرض عليه نفقتها في الغيبة يزعم أنه لا يقضي على غائب إلا زوجها فإنه يفرض عليه نفقتها وهو غائب فيخرجها من ماله فيدفعها إليها فيجعلها أوكد من حقوق الناس مرة في هذا ثم يطرحها بغيبته إن لم تقم عليه وهو لا يطرح حقا بترك صاحبه القيام عليه ويعجب من قول أصحابنا في الحيازة ويقول الحق جديد والترك غير خروج من الحق ثم يجعل الحيازة في النفقة. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم بأن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا (قال الشافعي) رحمه الله وهم يزعمون أنهم لا يخالفون الواحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد خالفوا حكم عمر ويزعمون أنهم لا يقبلون من أحد ترك القياس وقد تركوه وقالوا فيه قولا متناقضا. وإذا كان لرجل على رجل مال وله عليه مثله فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول هو قصاص وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول لا يكون قصاصا إلا أن يتراضيا به فإن كان لأحدهما على صاحبه مال مخالف لذلك لم يكن ذلك قصاصا في قولهما جميعا (قال الشافعي) رحمه الله وإذا كان لرجل على رجل مال وله عليه مثله لا يختلفان في وزن ولا عدد وكانا حالين معا فهو قصاص فإن كانا مختلفين لم يكن قصاص إلا بتراض ولم يكن التراضي جائزا إلا بما تحل به البيوع. وإذا أقر وارث بدين وفي نصيبه وفاء بذلك الدين فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول يستوفي الغريم من ذلك الوارث المقر جميع ماله من نصيبه لأنه لا ميراث له حتى يقضي الدين وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول إنما يدخل عليه من الدين بقدر نصيبه من الميراث فإن كان هو وأخ له دخل عليه النصف وإن كانوا ثلاثة دخل عليه الثلث والشاهد عنده منهم وحده بمنزلة المقر وإن كانا اثنين جازت شهادتهما في جميع الميراث في قولهما جميعا إذا كانا عدلين فإن لم يكونا عدلين كان ذلك في أنصبائهما على ما فسرنا من قول أبي حنيفة وابن أبي ليلى (قال الشافعي) رضي الله تعالى عنه إذا مات الرجل وترك ابنين غير عدلين فأقر أحدهما على أبيه بدين فقد قال بعض أصحابنا للغريم المقر له أن يأخذ من المقر مثل الذي كان يصيبه مما في يديه لو أقر به الآخر وذلك النصف من دينه مما في يديه وقال غيرهم يأخذ جميع ماله من هذا فمتى أقر له الآخر رجع المأخوذ من يديه على الوارث معه فيقاسمه حتى يكونا في الميراث سواء. وإذا كتب الرجل بقرض في ذكر حق ثم أقام بينة أن أصله كان مضاربة فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول آخذه به وإقراره على نفسه بالقرض أصدق من دعواه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول أبطله عنه وأجعله عليه مضاربة وهو فيه أمين (قال الشافعي) رحمه الله وإذا أقر الرجل أن للرجل عليه ألف درهم سلفا ثم جاء بالبينة أنها مقارضة سئل الذي له السلف فإن قال نعم هي مقارضة أردت أن يكون له ضامنا أبطلنا عنه السلف وجعلناها مقارضة وإن لم يقر بهذا رب المال وادعاه المشهود له أحلفناه فإن حلف كانت له عليه دينا وكان إقراره على نفسه أولى من شهود شهدوا له بأمر قد يمكن أن يكونوا صدقوا فيه ويكون أصلها مقارضة تعدى فيها فضمن أو يكونوا كذبوا، وإذا أقام الرجل على الرجل البينة بمال في ذكر حق من شئ جائز فأقام الذي عليه الدين البينة أنه من ربا وأنه قد أقر أنه قد كتب ذكر حق من شئ جائز فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول لا أقبل منه
(١٢٨)