فكلاهما كفيل بنفسه، وإذا كفل الرجل للرجل بدين غير مسمى فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول هو له ضامن وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول لا يجوز عليه الضمان في ذلك لأنه ضمن شيئا مجهولا غير مسمى وهو أن يقول الرجل للرجل أضمن ما قضى لك به القاضي عليه من شئ وما كان لك عليه من حق وما شهد من الشهود وما أشبه هذا فهو مجهول (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل للرجل ما قضى لك به القاضي على فلان أو شهد لك به عليه شهود أو ما أشبه هذا فأنا له ضامن لم يكن ضامنا لشئ من قبل أنه قد يقضي له ولا يقضي له ويشهد له ولا يشهد له فلا يلزمه شئ مما شهد له بوجوه فلما كان هذا هكذا لم يكن هذا ضمانا وإنما يلزم الضمان بما عرفه الضامن فأما ما لم يعرفه فهو من المخاطرة، وإذا ضمن الرجل دين ميت بعد موته وسماه ولم يترك الميت وفاء ولا شيئا ولا قليلا ولا كثيرا فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول لا ضمان على الكفيل لأن الدين قد توى وكان ابن أبي ليلى يقول الكفيل ضامن وبه يأخذ وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: إن ترك شيئا ضمن الكفيل بقدر ما ترك وإن كان ترك وفاء فهو ضامن لجميع ما تكفل به، (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا ضمن الرجل دين الميت بعد ما يعرفه ويعرف لمن هو فالضمان له لازم ترك الميت شيئا أو لم يترك، وإذ كفل العبد المأذون له في التجارة فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول كفالته باطلة لأنها معروف وليس يجوز له المعروف وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول كفالته جائزة لأنها من التجارة، وإذا أفلس المحتال عليه فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول لا يرجع على الذي أحاله حتى يموت المحتال عليه ولا يترك مالا وكان ابن أبي ليلى يقول له: أن يرجع إذا أفلس وبهذا يأخذ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى الحوالة تحويل حق فليس له أن يرجع (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كفل العبد المأذون له في التجارة بكفالة فالكفالة باطلة لأن الكفالة استهلاك مال لا كسب مال وإذا كنا نمنعه أن يستهلك من ماله شيئا قل أو كثر فكذلك نمنعه أن يتكفل فيغرم من ماله شيئا قل أو كثر، وإذا وكل الرجل رجلا في شئ فأراد الوكيل أن يوكل بذلك غيره فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول ليس له ذلك إلا أن يكون صاحبه أمره أن يوكل بذلك غيره وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول له أن يوكل غيره إذا أراد أن يغيب أو مرض فأما إذا كان صحيحا حاضرا فلا قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وكيف يكون له أن يوكل غيره ولم يرض صاحبه بخصومة غيره وإنما رضي بخصومته (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة فليس للوكيل أن يوكل غيره مرض الوكيل أو أراد الغيبة أو لم يردها لأن الموكل له رضي بوكالته ولم يرض بوكالة غيره فإن قال وله أن يوكل من رأى كان ذلك له برضا الموكل، وإذا وكل رجل رجلا بخصومة وأثبت الوكالة عند القاضي ثم أقر على صاحبه الذي وكله أن تلك الخصومة حق لصاحبه الذي يخاصمه أقر به عند القاضي فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول إقراره جائز وبه يأخذ قال وإن أقر عند غير القاضي وشهد عليه الشهود فإقراره باطل ويخرج من الخصومة وقال أبو يوسف إقراره عند القاضي وعند غيره جائز عليه وكان ابن أبي ليلى يقول إقراره باطل (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة ولم يقل في الوكالة أنه وكله بأن يقر عليه ولا يصالح ولا يبرئ ولا يهب فليس له أن يقر ولا يبرئ ولا يهب ولا يصالح فإن فعل فما فعل من ذلك كله باطل لأنه لم يوكله به فلا يكون وكيلا فيما لم يوكله، وإذا وكل رجل رجلا في قصاص أو حد فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول لا تقبل في ذلك وكالة وبه يأخذ وروى أبو يوسف أن أبا حنيفة قال أقبل من الوكيل البينة في الدعوى في الحد والقصاص ولا أقيم الحد ولا القصاص حتى يحضر
(١٢٥)