يترك إلى أن يبلغ إبانه ولا يحل بيعه منفردا حتى يبدو صلاحه إلا أن يشتري منه شيئا يراه بعينه على أن يقطع مكانه فلا يكون به بأس كما لا يكون به بأس إذا كان موضوعا بالأرض فليس هذا من المعنى الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمرة أن تباع حتى يبدو صلاحها وقال أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى تنجو من العاهة وإنما يمنع من الثمرة ما يترك إلى مدة يكون المنع دونها وكذلك إنما تأتي العاهة على ما يترك إلى مدة تكون العاهة دونها فأما ما يقطع مكانه فهو كالموضوع بالأرض، وإذا اشترى الرجل أرضا فيها نخل فيها حمل فلم يذكر النخل ولا الحمل فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول النخل للمشتري تبعا للأرض والثمرة للبائع إلا أن يشترط المشتري. بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (من اشترى نخلا مؤبرا فثمرته للبائع إلا أن يستثنيه المشتري) وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: الثمرة للمشتري (قال الشافعي) رضي الله تعالى عنه: وإذا اشترى الرجل أرضا فيها نخل وفي النخل ثمرة فالثمرة للبائع إذا كان قد أبر وإن لم يؤبر فهو للمشتري والأرض بالنخل للمشتري (قال) وإذا اشترى الرجل مائة ذراع مكسرة من دار غير مقسومة أو عشرة أجرية من أرض غير مقسومة فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول في ذلك كله البيع باطل ولا يجوز لأنه لا يعلم ما اشترى كم هو من الدار وكم هو من الأرض وأين موضعه من الدار والأرض. وكان ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يقول هو جائز في البيع وبه يأخذ وإن كانت الدار لا تكون مائة ذراع فالمشتري بالخيار إن شاء ردها وإن شاء رجع بما نقصت الدار على البائع في قول ابن أبي ليلى (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا اشترى الرجل من الدار ثلثا أو ربعا أو عشرة أسهم من مائة سهم من جميعها فالبيع جائز وهو شريك فيها بقدر ما اشترى (قال الشافعي) وهكذا لو اشترى نصف عبد أو نصف ثوب أو نصف خشبة ولو اشترى مائة ذراع من دار محدودة ولم يسم أذرع الدار فالبيع باطل من قبل أن المائة قد تكون نصفا أو ثلثا أو ربعا أو أقل فيكون قد اشترى شيئا غير محدود ولا محسوب معروف كم قدره من الدار فنجيزه ولو سمى ذرع جميع الدار ثم اشترى منها مائة ذراع كان جائزا من قبل أن هذا منها سهم معلوم من جميعها وهذا مثل شرائه سهما من أسهم منها، ولو قال اشتري منك مائة ذراع آخذها من أي الدار شئت كان البيع فاسدا * وإن كانت الآجام محظورة وقد حظر فيها سمك فاشتراه رجل فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول لا يجوز ذلك. بلغنا عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال (لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر) وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وإبراهيم النخعي وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول في هذا شراؤه جائز لا بأس به وكذلك بلغنا عن عمر بن عبد العزيز (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كان السمك في بئر (1) أو ما جل أو أجمة محظورة وكان البائع والمشتري يريانه فباعه مالكه أو شيئا منه يراه بعينه وهو لا يؤخذ حتى يصاد فالبيع فيه باطل من قبل أنه ليس ببيع صفة مضمونة ولا بيع عين مقدور عليها حين تباع فيدفع وقد يمكن أن يموت فينتن قبل أن يقبض فيكون على مشتريه في موته المخاطرة في قبضه ولكنه لو كان في عين ماء لا يمتنع فيه ويؤخذ باليد مكانه جاز بيعه كما يجوز إذا أخرج فوضع على الأرض، وإذا حبس الرجل في الدين وفلسه القاضي فباع في السجن واشترى وأعتق أو تصدق بصدقة أو وهب هبة فإن أبا حنيفة رضي الله
(١٠٩)