المسجد من جميع جهاته، ووسط فيه الكعبة، حتى بلغ من جهة الشرق ومن جهة الغرب حده الأول (1)؛ ذلك أن إبراهيم (عليه السلام) كان قد جعل المسعى الحد الشرقي للمسجد، وجعل حزورة حده الغربي. وحزورة هي سوق الحناطين، التي هي الحد الغربي في توسعة المهدي العباسي.
واستنادا إلى هذا - وكما يفهم أيضا من جواب الإمام الصادق (عليه السلام) في الروايتين (101) و (102) من هذا الفصل - فإن المساحات التي زيدت يجري عليها حكم المسجد الحرام، بل إن قسما منها لا يعد زيادة. ويرى الإمام الكاظم (عليه السلام) - كما كان الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا - أن هذه المساحة هي جزء من المسجد الحرام في حدوده الأولى، وقد عد بناء المكيين بيوتهم فيها غصبا لأرض المسجد، فلا يلزم تحصيل رضى أربابها. وهذا المعنى يستفاد من الروايتين (103) و (104) (2).
وبعد التوسعة العباسية التي كان آخرها في زمان المقتدر بالله حدثت توسعتان سعوديتان في سنتي 1375 ه و 1409 ه، زادتا في مساحة المسجد الحرام عدة أضعاف تجاوزت الحدود الأولى. ولذا يحتاط بعض الفقهاء في انطباق الأحكام الخاصة بالمسجد الحرام على هذه الزيادات الأخيرة، ولكن يجعله بعضهم احتياطا مستحبا؛ لأن الصدق العرفي للمسجد الحرام على الزيادات كاف لجري الأحكام (3).